بول الأشقرنزل الأرجنتينيون بالملايين إلى الشوارع للمشاركة في الاحتفالات لمناسبة مرور مئتي عام على الاستقلال. وقد تُوّجت مساء أول من أمس بتدشين «غاليري الوطنيين» التي جمعت لوحات عن كبار رجال أميركا الجنوبية، بدءاً بالأرجنتيني ارنستو تشي غيفارا. وشارك في الاحتفال جميع رؤساء أميركا الجنوبية، عدا رئيسي كولومبيا والبيرو، ولوحظ حضور رئيس هوندوراس السابق مانويل زيلايا.
وخلال حفل التدشين، ركّزت الرئيسة كريستينا فرنانديز كيرشنير على ما يميّز الاحتفال بالمئوية الثانية عن المئوية الأولى: «كنا نريد أن نشبه الأوروبيين، ولم يكن الشعب يتمتع بالحرية... واليوم، في المقابل، صرنا جزءاً لا يتجزأ من أميركا بأفكارها ودمها وطموحاتها». وتابعت متوجهة إلى الرؤساء الأميركيين الجنوبيين «إذا نظر أحدهم إليكم، فسيلاحظ بالتأكيد فروقاً في أصولكم، ولكنّه سيجد أيضاً أنّكم تتقاسمون هدفاً واحداً وهو أن تكون شعوبكم أكثر حرية وأكثر عدالة».
وإذا كان تأكيد الطابع الإقليمي له ما يبرره في الحاضر، فله أيضاً ما يؤسسه في التاريخ، وهو ما يفسّر قرب موعد الاستقلال في كل دول أميركا اللاتينية. فالحدث المؤسس هو احتلال نابوليون لإسبانيا والبرتغال وتحويل دول أميركا إلى قواعد خلفية للإمبراطورية التي ولد فيها حراك سياسي مميّز قرّب بين نخبة جديدة استقلالية من الذين ولدوا واختلطوا في هذه الدول مع النخبة التقليدية المرتبطة بمراكز السلطة في أوروبا. وينفكّ العقد بينهما عندما تعود الإمبراطوريات إلى السلطة، وتريد استعادة سطوتها، مفجّرة الحروب الاستقلالية التي تزعّمها المحرران سيمون بوليفار الفنزويلي والجنرال سان مارتين الأرجنتيني.
وبعيداً عن ظروف الاستقلال وعن الفروق مع المئوية الأولى، أتت المشاركة الشعبية الاحتفالية لتؤكد المسافة التي قطعتها الأرجنتين منذ أن تسلّم الزوجين كيرشنير، أولاً نستور عام 2003 ثم كريستينا عام 2007، مقاليد السلطة وسلكا طريقاً مغايراً لوصفات النيوليبرالية التي نكبت بلد التانغو. وعلى الرغم من تدنّي شعبيتهما، يدل نجاح الاحتفالات على أنّ الزوجين كيرشنير سيكونان لاعباً أساسياً في الانتخابات الرئاسية المنوي عقدها العام المقبل. والسبب أنّ لديهما، عكس معارضيهما من اليمين ومن اليسار الذين لا يجمع بينهما إلا حقدهم على آل كيرشنر، مشروعاً وتصوراً لبلد صار متوسط النفوذ ويبحث عن دوره، بعد أن كان قبل سبعة عقود من القوى العظمى.