انتهت معظم الانتخابات الداخلية الحزبية في أميركا لاختيار المرشحين لخوض معركة انتخابات مجلسي الشيوخ والنواب الخريف المقبل، واستطاع الوافدون الجدد هزم القدامى
ديما شريف
بعد أيام على صدور نتائج الانتخابات الحزبية الداخلية في معظم الولايات الاميركية لتقرير من سيترشح باسم الجمهوريين والديموقراطيين إلى انتخابات التجديد النصفي في مجلسي الشيوخ والنواب في تشرين الثاني المقبل، أصبح من الممكن رسم خريطة بسيطة، أولية، لمعرفة أي تيار كان الأقوى داخل الحزبين. يأتي ذلك بعد معارك عنيفة بدأت قبل شهور داخل كلّ من الحزبين الديموقراطي والجمهوري للفوز ببطاقة الترشح بين من يحتلون أصلاً هذه المقاعد في المجلسين ووافدين جدد على السياسة يمثلون التيارات المختلفة داخل الحزبين.
وأهم ما يمكن استخلاصه من النتائج هو ميل مناصري الحزبين إلى اختيار المرشح الجديد على حساب النواب والشيوخ المخضرمين الذين ملّ منهم الجمهور على ما يبدو، مع مزيد من التحوّل نحو اليمين في الحزبين. فكان هناك جنوح في الحزب الديموقراطي إلى اختيار معظم المرشحين الجدد، أو الدفع باتجاه دورة ثانية من الانتخابات الداخلية بعد تقارب شديد بين المرشحين. أما في الحزب الجمهوري فكان هناك توجه لاختيار المرشحين الخارجين عن الإجماع العادي لدى المحافظين. فحظي بعض الناجحين بدعم تيارات «حفلة الشاي» ونجحت خطاباتهم المعادية للقطاع المصرفي في جذب الأصوات، داخل حزب يناصر في العادة «وال ستريت» ومؤسساته.
وركز معظم الجدد في الطرفين على موضوع الرزمة الاقتصادية التي ساعدت المصارف العام الماضي، كما كان هناك حضور قوي للنقابات العمالية في الجانب الديموقراطي، لكن مع مناصرتها المرشحين الأكثر يمينية.
لم يحظ المرشحون الذين دعمهم أوباما بفرص في النجاح
لكن اللافت في ما حصل، هو خسارة البيت الأبيض، معنوياً على الأقل، إذ لم يحظ أي ممن دعمهم باراك اوباما أو الإدارة بفرصة في النجاح، فانتخبت القاعدة الديموقراطية، في الانتخابات الحزبية وتلك النيابية، من يقفون على يمين البيت الأبيض. والدليل على ذلك فوز المرشح الديموقراطي المعادي لقانون الرعاية الصحية مارك كريتز في الانتخابات الاستثنائية لملء المقعد الفارغ في ولاية بنسلفانيا، لطروحاته القريبة من الجمهوريين. إلى جانب خسارة الحزب الديموقراطي يوم السبت مقعداً شغله في الكونغرس في السنوات العشرين الماضية في الانتخابات الخاصة في ولاية هاواي وتحديداً في المقاطعة التي ترعرع فيها الرئيس الأميركي؛ فاز الجمهوري تشارلز دجو ليصبح أول جمهوري في مجلس النواب المقبل.
وبرغم طغيان موضوعات البطالة والرعاية الصحية وغيرها من القضايا الداخلية على السباقات، يطغى العامل الخارجي على أخرى حصلت أو ستحصل في الشهور المقبلة. منها الترشيح الجمهوري في ولاية كنتاكي الذي فاز فيه المرشح راند بول. فقد فضل الناخبون برنامج عمله الداعي إلى خفض ميزانية وزارة الدفاع وتخفيف التصعيد في حربي أفغانستان والعراق. كما يعبّر بول بصراحة عن رأيه بأنّ امتلاك إيران سلاحاً نووياً لم يكن أبداً تهديداً لأمن الولايات المتحدة. ولم تنفع الإعلانات التي موّلها منافسه تراي غرايسون التي وصفت بول بأنّه «ضعيف في مسائل الأمن القومي». ولم تكف هذه الإعلانات في كبح جماح الشعور المعادي للحكومة الذي ينتشر في جميع الولايات الأميركية.
في أريزونا الوضع مختلف. إذ يبدو قبل الانتخابات الحزبية بثلاثة أشهر أنّ المرشح الرئاسي السابق الجمهوري جون ماكين في وضع صعب بسبب آرائه التي تغيّرت بشأن إغلاق معتقل غوانتنامو، فهو كان من المناصرين للفكرة قبل أن يبدل رأيه. وهو يعادي طرح أي قانون يضغط على الشركات والمصانع الكبرى في قضية التغيير المناخي ودافع بشدة عن قانون أريزونا الجديد المعادي للهجرة. وقد أظهرت استطلاعات الرأي أنّ هذه القضايا الثلاث هي التي ستحدد من سينال ترشيح حزبه بين ماكين ومنافسه مذيع الراديو السابق جاي. دي. هايوارث.
ويبدو موضوع الهجرة حاضراً بقوة أيضاً في السباق الجمهوري في كاليفورنيا الذي سيحصل الشهر المقبل بين المرشحين توم كامبل وكارلي فيورينا. إلى جانب ذلك يتسابق المرشحان في إظهار الولاء والمحبة لإسرائيل لكسب الأصوات. ويتهم كلّ منهما الآخر بأنّه ليس مناصراً كفاية للدولة العبرية.
أما في سباق فلوريدا الذي سيكون في آب، فالمنافسة على أشدها بين الجمهوريين تشارلي كريست ومارك روبيو حول الهجرة، الإرهاب وكوبا، وخصوصاً من يعادي أكثر انفتاح الإدارة الحالية تجاه الجزيرة الشيوعية. في المقابل، يتنافس المرشحان الديموقراطيان ريتشارد بلومنثال وميريك ألبرت في كونيكتيكت حول من خدم في حرب فييتنام، ليفوز بترشيح حزبه.