صوّت النواب الفرنسيون «شبه مجمعين» على قرار إعلاني، يعتبر ارتداء النقاب ممارسة مخالفة لقيم الجمهورية، فيما تتجه الحكومة لتبني الغرامات والسجن في مشروع قانونها
باريس ــ بسّام الطيارة
في «قرار إعلاني لا قيمة تنفيذية له»، صوّت النواب الفرنسيون على اعتبار أن ارتداء النقاب يمثل ممارسة مخالفة لقيم الجمهورية ويعبّر عن أصولية مرفوضة.
وحظي القرار بـ«شبه إجماع» من النواب الذين استعملوا القوانين الدستورية الجديدة الممنوحة لهم لـ«التعبير عن توجه عام»، فيما امتنع النواب الشيوعيون عن المشاركة، رغم أن «رفيقهم أندريه غيران» كان محرك الملف منذ عامين ورئيس اللجنة البرلمانية المتعلقة بالنقاب.
ووصف النائب الشيوعي، آلان بوكيه، مسألة التصويت على قرار غير تنفيذي بأنه «تمثيلية ومهزلة» تسعى فقط لإعطاء انطباع بأن «هناك إجماعاً» وراء الحكومة التي سوف تطرح قانون بهذا الشأن في الأيام المقبلة.
ورغم أن الحزب الاشتراكي صوّت مع القرار «من دون أي تردد» إلا أن النائب جان كالفاني، رأى بدوره أن وقوف الحزب وراء القرار هو «من دون أي وهم لمآرب وأهداف الفرقاء». ولم يتردد من الاستهزاء من «تركيز اليمين على هذا الملف» بحيث جعل منه «محوراً مركزاً للمجتمع الفرنسي».
وذكر مصدر مقرّب من الحزب الاشتراكي أن الاشتراكيين «صوّتوا فقط على هذا القرار»، إلا أنهم سوف يدرسون مواد القانون مادة مادة، عندما تحيله الحكومة إلى المجلس.
كما أن حزب «الوسط الجديد» الذي يرأسه وزير الدفاع، هيرفيه موران، صوّت إلى جانب القرار مع «الأسف الشديد» بسبب استغلال الحزب الحاكم التجمع من أجل الأكثرية الشعبية والتفرد الذي رافق الطرح.
ويدل منحى التصويت على أن «الإجماع» الذي حظي به القرار صوري، وأن الخلافات سوف تبرز عندما يطرح القانون على مجلس الوزراء لإقراره وإرساله لمجلس النواب في منتصف الصيف، ليدخل في معمعة المراحل التشريعية حيث ينتظره النواب الذين صوّتوا «من حيث المبدأ ويريدون النظر ملياً إلى التفاصيل» كما صرح نائب ينتمي إلى حزب الرئيس ومقرب من دومنيك دوفيلبان، معارضاً «التوسع في استهداف قسم من الفرنسيين».
وكان دوفيلبان رأى أن «المنع التام للنقاب لا يتناسب والضرورات»، وحذر من إقرار قوانين بناءً على «اندفاع عاطفي». وطالب في المقابل بمنع النقاب في المؤسسات العامة والمصارف ولضرورات الأمن.
غير أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، يسعى لفرض منع مطلق للنقاب على كل الأراضي الفرنسية كسباً لأصوات اليمين المتطرف، وللاستفادة من موجة منع النقاب التي تشهدها بعض الدول الأوروبية.
ومع ذلك، فإن مجلس شورى الدولة أبدى تحفظات قوية على رغبة الحكومة الفرنسية بالسير في طرح مشروع القانون، ويرى في الأمر تعدياً على الحريات الدينية للنساء. وأشار في دراسة سابقة أجريت بناءً على طلب الحكومة، إلى أن المنع العام والشامل «لا أساس قانونياً له» ويمكن أن يشكل موضوع نقض واعتراض لدى المجلس الدستوري، عدا عن إمكان نقضه في مجلس حقوق الإنسان الأوروبي.
ويرى البعض أن اليمين أراد عبر طرح الأمر على التصويت في مجلس الناب إبراز «دعم شعبي» للمنع قد يحرج القيّمين على الدستور. وقد اختصرت وزيرة العدل ميشيل أليو ماري، المكلفة وضع مشروع القانون، هذه الرغبة بقولها إن الحكومة مصممة على فعل المستحيل لـ«التصدي لكل ما هو مخالف لقيم الجمهورية»، وخصوصاً أنه «لا نص في القرآن» يجبر المرأة على النقاب.
بدوره، أكد رئيس الوزراء الفرنسي، فرنسوا فيون، أن الحكومة «مستعدة للمخاطرة» وطرح مشروع القانون.
وعلمت «الأخبار» أن القانون سوف ينص على غرامة قدرها ١٥٠ يورو للمخالفة تدفع بواسطة «طوابع أميرية». كما ينص على غرامة تبلع ١٥ ألف يورو والسجن لمدة سنة للرجال الذين يلزمون نساءهم بارتداء النقاب.