خاص بالموقع- بعدما جدّد صورة حزب غير محبوب ليصبح حزباً «حديثاً وإنسانياً»، يبدو أنّ دايفيد كاميرون بصدد إعادة المحافظين الى الحكم بعد 13 سنة في المعارضة. لكن مثل هذا النجاح قد يكون عائداً الى رفض العماليين، أكثر منه تأييداً صريحاً له.
زعيم المحافظين البالغ من العمر 43 عاماً الذي فوجئ ببروز زعيم الديموقراطيين نيك كليغ غير المتوقّع في أثناء حملة الانتخابات التشريعية المرتقبة في السادس من أيار، ترنّح لبعض الوقت مع أداء غير مرضٍ لسياسي معتاد على وسائل الإعلام.

لكن، بالرغم من مواجهته ضغوطاً قوية بدا أكثر ارتياحاً وحزماً في المناظرة التلفزيونية الثالثة والأخيرة، إذ تمكن من تلافي الانتقادات الجارحة من رئيس الوزراء غوردن براون الذي وصفه بالمدافع عن الميسورين. ويبدو أنّ حججه لخفض النفقات العامة والحد من ثقل الدولة المهيمنة في نظره، لاقت تاييداً لدى الرأي العام.

وطوال الحملة الانتخابية نجح أيضاً في الحفاظ على انضباط حزبه الذي اعتاد على الانقسام بشأن أوروبا. فالموضوع كان يمكن أن يكون مربكاً بالنسبة إلى المحافظين الذين يثيرون ريبة الأوروبيين. لكنّه تمكن من التملص منه.

إلا أنّ تقدمه بـ5 إلى 9 نقاط في استطلاعات الرأي، بعيداً عن الـ20 نقطة التي كان يحظى بها قبل بضعة أشهر، لا يضمن له بأن يصبح أول محافظ يدخل داونينغ ستريت منذ انتهاء ولاية جون ميجور في عام 1997.

فالمحافظون الحائرون بعدما تعاقب عليهم في المعارضة أربعة رؤساء في خلال ثماني سنوات، توجهوا في 2005 إلى كاميرون الذي كان في التاسعة والثلاثين من العمر آنذاك ومغموراً الى حد كبير.

لكنّه تمكن في وقت سريع جداً من أن يجعل من حزب المحافظين حزباً «حديثاً ومتعاطفاً (مع القضايا الإنسانية)». وعلى غرار طوني بلير في حزب العمال في التسعينيات، أبعد «الحرس القديم» في الحزب وأضفى عنصراً شبابياً ونسائياً على كوادره وركز على مواضيع جديدة مثل التعليم والصحة والبيئة.

وفتح أبواب حياته الخاصة أمام وسائل الإعلام، وتأثر الرأي العام عندما تحدث علناً في شباط 2009 عن وفاة أحد أولاده الثلاثة إيفان الذي كان مصاباً بإعاقة خطيرة وبمرض الصرع، معبراً عن امتنانه للنظام الصحي العام.

ويعدّ دايفيد كاميرون نموذجاً للمحافظين الأرستقراطيين، فهو من سلالة الملك غيوم الرابع (1830-1837) ومتزوج بابنة بارون.

ولد كاميرون في التاسع من تشرين الأول 1966 من أب كان من كبار كوادر حي الأعمال وأم قاضية. وقد نشأ في قرية بيزمور الصغيرة في بركشير (جنوب). في 1974 دخل المدرسة التحضيرية التي كان يرتادها الأميران أندرو وإدوارد، ثم التحق في 1978 بمعهد ايتون الخاص المرموق.

في 1982 اتهم بأنّه دخن حشيشة الكيف بحسب سيرته غير المرخص لها. ومع إقراره بأنّه قام بأمور «كان ينبغي أن لا يقوم بها، وأسف لها» رفض على الدوام التعليق على تلك المعلومات بذريعة أنّ من «حقه أن يكون له ماض خاص».

وعندما دخل جامعة أكسفورد في 1985 لم يكن لديه بعد اهتمام كبير بالسياسة. وتخرج حاملاً دبلوماً في الفلسفة والسياسة والاقتصاد في 1988. وانضم على الفور الى حزب المحافظين بدفع من قصر باكنغهام.

وعمل لبعض الوقت مستشاراً لرئيس الوزراء جون ميجور لمؤتمراته الصحافية. ثم عمل في القطاع الخاص في 1994 في دائرة الاتصالات في المجموعة الإعلامية كارلتون، المركز الذي تعلم منه مهارة الإعلام السياسي.

وبعد محاولات عديدة، انتخب في 2001 نائباً عن دائرة ويتني القريبة من أكسفورد. وقد صوّت «بدون حماسة» مع الحرب على العراق. وفي أواخر عام 2005 بدأ انطلاقته عندما خلف مايكل هوارد على رأس المحافظين.

(أ ف ب)