تنوّعت احتفالات عيد العمّال في أميركا اللاتينية بحسب الاستحقاقات التي تمر بها كل دولة، فتأرجحت بين الانتخابي والسياسي والاجتماعي، غير أن الحقوق العمالية بقيت القاسم المشترك
بول الأشقر
أول أيار في أميركا اللاتينية كان دسماً هذه السنة، من جنوب القارة إلى شمالها، من الأرجنتين وصولاً إلى المكسيك، الأشكال والمطالب النقابية تختلف والسياسة حاضرة دائماً. وانتزعت احتفالات أول أيار هذه السنة في البرازيل طابعاً انتخابياً، بحكم اقتراب موعد الرئاسيات. وشارك الرئيس البرازيلي لويس ايغناسيو لولا دا سيلفا في ثلاثة احتفالات نقابية كبيرة في مدينة سان باولو، رافقته فيها مرشحة حزب الشغيلة ديلما روسيف، التي تخوض معركة صعبة مع حاكم ولاية سان باولو جوزي سيرا في رئاسيات تشرين.
وبما أن القانون البرازيلي يمنع الرئيس من أن يشارك في الحملة الانتخابية قبل بدايتها الرسمية، فقد لجأ لولا إلى صيغ ملتوية للتعبير عن أفضليّته من دون تسمية المرشحة، مثل «أتدرون من أريد للانتخابات المقبلة؟»، مفجّراً هتافات لمصلحة مرشحته روسيف.
وفي الأرجنتين، حيث يستعدّ الرئيس السابق نستور كيرشنير ليصبح غداً أول أمين عام لمنظمة «أوناسور» الإقليمية التي تضم جميع دول أميركا الجنوبية، خاطب العمال في الاحتفال السنوي الذي ينظّمه الحزب البيروني، الذي يتزعمه، قائلاً: «المهم هو بناء مشروع استراتيجي لفترة 10 أو 15 سنة للخروج من حقبة الارتجال التي عرفنا نماذج عنها في العقود الأخيرة»، مؤكداً أن «الانتخابات لا تزال بعيدة، ولكن لدي ثقة بأن البلد بأجمعه سيكرس هذه الخيارات الاستراتيجية عام 2011»، في إشارة إلى موعد الانتخابات الرئاسية، ما جعل بعض المراقبين يعلّقون بأن خطاب كيرشنير هو ربما أول دليل على أنه قد يترشح لخلافة زوجته.
وفي الأوروغواي، شارك خوسي بيبي موخيكا، للمرة الأولى، في احتفالات أول أيار بصفته رئيساً للجمهورية. وكانت الخطابات معتدلة نسبياً، إلا أن الحشود عادت وطالبت بإلغاء قانون العفو، هذا المطلب الذي رُفض باستفتاء شعبي. وكان الرئيس، الذي يؤيد الإلغاء، قد أعلن بعد الاستفتاء أنه سيلتزم بما قرره الناخبون.
أما في بوليفيا، فلمناسبة أول أيار، أمّمت الحكومة أربع شركات مولّدة للكهرباء، وأصبحت الدولة تسيطر على القطاع بنسبة 80 في المئة. وقال الرئيس إيفو موراليس «الخدمات الأساسية هي حتماً تابعة للقطاع العام، ولا يجوز أن تتحكم فيها المصالح الخاصة». أما النقابات، فهي تستعدّ لإعلان أول إضراب عام في وجه حكومته غداً للمطالبة بزيادة معاشات بنسبة 25 في المئة، فيما الدولة تقترح عليها 5 في المئة.

موراليس يحتفي بعيد العمّال عبر تأميم أربع شركات مولّدة للكهرباء
وفي التشيلي، حيث تعيش النقابات أول عيد عمال برئاسة يمينية منذ عقدين، انتقدت النقابات الرئيس سيباستيان بينييرا، قائلةً «إنه ليس من الصحّي أن تحكم المصالح الخاصة الدولة»، في إشارة إلى وضعية الرئيس الذي هو في الوقت ذاته أغنى رجل في البلد. كذلك طالبت بإصلاح ضريبي وبصياغة دستور جديد. إلا أن الحاضرين لم يوفّروا أيضاً مسؤولي «التوافق»، معارضة اليسار الوسط، الذين حضروا الحفل، معتبرين أنهم «أول المسؤولين عن وصول اليمين إلى السلطة».
في فنزويلا، هنّأ الرئيس هوغو تشافيز الطبقة العاملة بواسطة تويتر، حيث أصبح لديه 150 ألف متابع. وجرت أمس الانتخابات الأوّلية في الحزب الاشتراكي الموحّد، حيث اختار المناصرون، في سابقة سياسيّة، مرشحي الحزب للمقاعد الـ121 التي يتألف منها مجلس النواب، استعداداً لانتخابات أيلول المقبلة التي يعدّها تشافيز وكذلك المعارضون «حاسمة» لتحديد ميزان القوى السياسي في البلد.
وأخيراً، في المكسيك، ندّد التجمع النقابي بمشروع الحكومة لتعديل قوانين العمل، ووعدوا بإسقاطه في الشارع وفي البرلمان، حيث لا يحظى المشروع إلا بدعم حزب الرئيس فيليبي كالديرون. وكانت التظاهرات العمالية مناسبة للتنديد أيضاً بما يسمى «قانون أريزونا»، نسبة إلى قانون الولاية الأميركية «العنصري» بحق الـ«لاتينوس».