معمر عطوييترقّب الألمان اليوم انتخاب رئيس للبلاد، خلفاً للرئيس المستقيل هورست كولر، في وقت باتت فيه نتيجة التصويت شبه محسومة لمرشح الائتلاف الحكومي، كريستيان فولف، وذلك لأن غالبية أعضاء البرلمان الاتحادي ينتمون إلى ثلاثة أحزاب تتألّف منها الحكومة الحالية برئاسة المستشارة أنجيلا ميركل.
إلّا أن معرفة من سيصبح سيد قصر «بيلليفو» الرئاسي، وسط العاصمة برلين، رهن بما يقرّره أعضاء المجلس الانتخابي المؤلف من أعضاء مجلس النواب الاتحادي «بوندستاغ» (622 عضواً) وممثلي الحكومات الإقليمية في مجلس الشيوخ «بوندسرات»، إضافة إلى شخصيات من المجتمع المدني تعيّنهم المقاطعات الـ16.
لكنّ أطراف الائتلاف الحكومي، الذي يتألّف من الاتحاد المسيحي الديموقراطي (CDU) والاتحاد المسيحي الاجتماعي (CSU) والحزب الديموقراطي الحر (FDP)، اتفقت على ترشيح رئيس وزراء ولاية سكسونيا السفلى (شمال ألمانيا)، كريستيان فولف، لمنصب رئيس ألمانيا خلفاً للرئيس كولر، الذي استقال مطلع الشهر الحالي، على خلفية تبريره تدخّل بلاده العسكري في أفغانستان بالحفاظ على مصالح ألمانيا الاقتصادية.
المستشارة أنجيلا ميركل، زعيمة الـ«CDU»، كانت أول المرحّبين بترشيح فولف لدى تقديمه إلى الصحافيين، حيث وصفته بأنه «سيكون رئيساً رائعاً».
وإلى جانب المستشارة، وقف وزير الخارجية رئيس الـ«FDP»، غيدو فسترفيله، ورئيس الـ«CSU»، هورست زيهوفر، في مؤتمرها الصحافي، فيما أعلن المرشح البالغ من العمر 50 عاماً أنه «سعيد بقبول هذه المسؤولية».
ويُعدّ فولف من الشخصيات المحافظة في الحزب المسيحي والمنافس الأبرز للمستشارة ميركل، رغم إعلانه قبل سنتين نيته الانسحاب من
المناصب السياسية العليا.
في المقابل، قدّم القس السابق، الرئيس السابق لمكتب شؤون جهاز الاستخبارات في ألمانيا الشرقية «شتازي»، يواخيم غاوك، ترشيحه بدعم من حزبي المعارضة، الاشتراكي الديموقراطي «SPD» والخضر. صحيفة «فرانكفورتر ألغيماينة» وصفت غاوك بأنه ليس فقط «رجل الفعل» كما يطلقون عليه، بل هو الرجل الروحي والمفكّر، الذي عمل قسيساً في مدينة روستوك بين 1970 و1990، لكنه بين عامي 1990 و2000، أوكلت إليه مهمة شؤون جهاز استخبارات «شتازي»، الذي أفسح أمامه المجال لدخول المسرح السياسي.
ومع مطلع هذا العام، ولدى بلوغه سن السبعين، أصدر غاوك مذكراته في كتاب بعنوان «شتاء في صيف ـــــ ربيع في خريف»، الذي تضمّن تعريفاً بشخصه ومسيرة حياته الدينية والسياسية.
من جهتها، تحدثت بعض الصحف الألمانية عن شعبية لافتة للرجل، لكنها لمّحت إلى أن انتخابه عن طريق مجلس الانتخاب المذكور، من شأنه أن يضيّع فرص فوزه، التي كانت مؤكدة لو انتُخب الرئيس بالاقتراع المباشر. وكان الرئيس السابق هورست كولر (67 سنة)، من حزب المستشارة، قد أحدث «صدمة لألمانيا»، حسب تعبير صحيفة «دير شبيغل أون لاين»، حين قدّم استقالته من منصبه الفخري. ووفقاً للدستور الألماني، فإنه إذا شغر منصب الرئيس، يتولى رئيس مجلس الولايات (البندسرات)، وهو الغرفة الثانية في البرلمان، كل صلاحيات الرئيس، على أن يُنتخب رئيس جديد للبلاد خلال 30 يوماً. وإذا لم يحصل وولف على الغالبية المطلقة في الدورة الأولى أو الثانية، فسيكون أمام غاوك فرصة الفوز بالغالبية البسيطة في الدورة الثالثة.
لكن لتحقيق ذلك، يجب أن يحصل على دعم حزب اليسار، الذي رشّح في وقت سابق الصحافية لوكريتسيا يوشيمسن (74 عاماً)، للرئاسة، فيما أبلغ بعض نواب اليسار أنهم سيدعمون غاوك في حال تنظيم دورة ثالثة.