يبدو أن بعض الجهات في روسيا وجدت أن رئيس وزرائها فلاديمير بوتين بحاجة إلى الدعم. فارتأت أن مشاركة الأطفال قد تكون فعالة، فلم يكن منها إلا أن أرسلت لهم صلاة ليصلّوا لأجله!
ربى أبو عمّو
ربما لم يعد ينقص رئيس الوزراء الروسي، فلاديمير بوتين، إلا أن تدور الكواكب حوله. هذا الرجل الذي صعد إلى العرش الروسي من دون مقدمات، بعدما اطمأن إليه الرئيس الأسبق بوريس يلتسين، وتأكد من عدم نيته المساس بمصالحه، يتحول إلى أيقونة، يعمل على تكريسها هو بنفسه يوماً بعد يوم.
بوتين الشجاع والقوي. بوتين الرؤوف بالحيوانات. بوتين الشغوف بأطفال بلاده والعالم. بوتين الرافض للظلم، ومكافح الفساد في الاتحاد الروسي. بوتين الأسطورة وإحدى الشخصيات الأولى في العالم.
هذه المزايا تستحق من يصلّي لأجلها، ولأجل من يصنعها. فكيف إذا كانت الصلاة نابعة من أطفال؟ تقول الصلاة التي تحاكي الكنيسة الأرثوذكسية: «يا الله، ابعث الملاك ميخائيل لمساعدة عبديك ديمتري وفلاديمير، حطّم أعداءهما واحمهما من الشيطان». فلم يكن من صحيفة «ذا موسكو تايمز» الروسية إلا أن كتبت مقالاً تحت عنوان «تشجيع الأطفال للصلاة من أجل بوتين»، أشارت في مقدمته إلى أنه «رغم نفي بوتين أن يكون قد تحول إلى معبود، إلا أن أطفال سانت بطرسبرغ يتضرعون إلى الله لحمايته من إغواء الشيطان».
أرادت الصحيفة تكريس شخصية بوتين المعبود، وإلا ما سبب تشجيع الأطفال على الصلاة لأجله؟ وقد يكون نفي رئيس الوزراء سبباً إضافياً لإدانته، هو الذي يتقن لعبة الصورة.
كتبت مدرسة سانت بطرسبرع العسكرية صلوات لأطفالها الموهوبين الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و14 عاماً. وخلال مشاركة هؤلاء الأطفال في يوم الطفل العالمي في قصر تافريشيسكي، وضعت الأوراق التي كتبت عليها الصلوات داخل حقائب مليئة بالمحتويات.
وقالت يلينا ساخنو، التي ساهمت في تنظيم الاحتفال بيوم الطفل، «لم نتوقع أن تستهجن هذه الصلاة»، مضيفة إن «الصلاة لرئيس الدولة تعدّ تقليداً كنسياً».

يا الله، ابعث الملاك ميخائيل لمساعدة عبديك ديمتري وفلاديمير، حطّم أعداءهما واحمهما من الشيطان
من جهتها، وصفت الأستاذة في «سوفوروف»، صاحبة الفكرة، ناتاليا ييروتينا، الصلاة لذكر بوتين والرئيس ديمتري مدفيديف بأنها «حكيمة». وأضافت «ديمتري يتابع ما بدأه بوتين، فيما فلاديمير يتابع اهتمامه بشؤون الدولة الروسية حتى اليوم».
لم تُشر الصحيفة إلى وجود سخط شعبي على الصلاة، إلا أن رئيس قسم الشباب في كنيسة سانت بطرسبرغ، آرتمي سكريبكين، قال إن «قرار تقديم الصلاة للأطفال لم يكن متفقاً عليه مع الكنيسة الأرثوذكسية الروسية»، فيما أشار مطران أرثوذكسي آخر في كنيسة سكوربياشينسكي في سانت بطرسبرغ إلى إنه «ليس هناك أمر سيئ في صلاة الأطفال، على الرغم من أن إهداءهم أوراقاً عليها صلوات قد يكون غير مناسب لأطفال بعمر صغير». إلا أنه عاد واختزل الموقف بجملة واحدة، قائلاً «إذا لم تحبّ هذه الهدية، يمكنك رفضها. لكن إذا كنت ضد الصلاة لرئيس الدولة، فهذا يعني أنك ضد السلطات».
أما بوتين، فنفى أن تكون هناك عبادة لشخصه. وقال إن «هذا النوع من العبادة لا يعني الاهتمام فقط بشخص واحد، بل يعني الانتهاكات القانونية المرتبطة بالقمع الشامل»، في إشارة إلى فترة التطهير في الاتحاد السوفياتي السابق بين عامي 1930 و1950. وأضاف «حتى في الكوابيس، لا أستطيع أن أتخيل أنه يمكن أن يحدث هذا في روسيا اليوم».
ورغم أن الصلاة تضم بوتين ومدفيديف، إلا أن الصحيفة ركزت على الأول باعتباره صانع روسيا الحديثة والمقبلة. وأن يحفظ الأطفال صلاة سياسية يعني تدريبهم على إدراك عظمة رئيسهم لسنوات وسنوات.