بول الأشقرخاص بالموقع - جَمّد أمس، لفترة 60 يوماً، المتظاهرون البيئيّون الأرجنتينيون عملية قطع الجسر الدولي الذي يصل بلدهم بالأوروغواي التي كانت مستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف، ملحقة أضراراً جسيمة باقتصاد الأوروغواي. ويمثّل هذا التطور انفراجاً في الخلاف الذي عكّر العلاقات بين البلدين بسبب مشروع بناء معملين لصنع الورق على ضفة نهر أوروغواي التابعة لمونتيفيديو.
وتحسنت العلاقات بين البلدين التي كانت قد تدهورت خلال حكم الرئيسين السابقين نستور كيرشنير وتاباري فاسكيز مع انتخاب خوسي بيبي موخيكا على رأس الأوروغواي. وموخيكا مقرّب من الزوجين كيرشنير، وأيضاً بعد صدور قرار محكمة لاهاي قبل شهرين الذي حدد الإطار الشرعي الذي سمح بتحديد أسس التسوية.
وكانت الجمعية العامة لبلدة غواليكاتشو الحدودية الأرجنتينية قد صوّتت يوم الأربعاء الماضي بفارق ضئيل على اقتراح «معتدل» لتجميد التحرك خلال ستين يوماً «للخروج من المراوحة وإعطاء نفس جديد للتحرك ومنح فرصة للرئيسين كريستينا كيرشنير وموخيكا» لتحويل الهدنة إلى سلام دائم.
وقال المعتدلون إن الهدف من تغيير التكتيك هو «مراقبة المعمل الآن من الداخل والإثبات أنه يلوث النهر» فيما علق الرئيس موخيكا بالقول «إن القرار هو الهدف الرابع الذي سجلته الأوروغواي» في إشارة إلى الفوز الذي حققه المنتخب في نفس اليوم في مونديال أفريقيا الجنوبية على المضيفين بثلاثة أهداف نظيفة.
بذلك، تتجمّد ولو مؤقتاً صورة نضال قامت به بلدة أرجنتينية حدودية على قرار شركة أجنبية مدعوم من الدولة الجارة وقطعت المواصلات بإقفال الجسر بين البلدين خلال ثلاث سنوات وسبعة أشهر، ما أدى إلى تعديل السياسة البيئية والخارجية للبلدين والتخلي عن بناء معمل ثان وفرض مراقبة مشتركة لمستوى تلوث النهر وداخل المعمل. وهي حصيلة قيّمة حتى لو لن يستطيع التحرك (هو الأرجح) إدراك هدفه الأساسي، وهو نقل مشروع المعمل إلى منطقة أخرى.
وكان الخلاف قد تعمّق مع صراع الطبائع بين الرئيسين كيرشنير وفاسكيز، ما أدى إلى لجوء هذا الأخير إلى حق النقض لمنع وصول رديفه الأرجنتيني إلى الأمانة العامة لمنظمة أوناسور بعد انتهاء ولايته. وفيما اتهمت الأرجنتين الأوروغواي بخرق معاهدة النهر وقاضتها أمام محكمة لاهاي، رأت مونتيفيديو أن بوينس آيرس متواطئة مع من قرر «قطع التواصل بين البلدين التوأمين». مع انتخاب موخيكا ورفع النقض على انتخاب نستور كيرشنير لأمانة «أوناسور»، زالت الغيوم الحائمة حول العلاقات الشخصية، إلا أن المخرج لم يصبح متوافراً بسحر ساحر لأن موخيكا لا يستطيع أن يتنازل عن دفاع «المصالح الوطنية» أكثر من فاسكيز، فيما كريستينا لا تريد أن تظهر كالتي تخلت عن «المبادئ البيئية».
وأتى قرار محكمة لاهاي ليحدد طريق التسوية ويجعله سالكاً، إذ اعترف بخرق الأوروغواي لمعاهدة النهر بعدم استشارة جارتها، فيما رأى أيضاً أن المعمل لا يلوث النهر. على هذه القاعدة، بدأ يعمل تقنيو البلدين ووصل الرئيسان إلى ضرورة مراقبة مشتركة للنهر وللمعمل. وبرر موخيكا دخول خبراء الأرجنتين المعمل بأن «العلم، وليست الأرجنتين، من سيدخل المعمل ويزيل الشكوك»، مقترحاً أيضاً على البرازيل أن تشارك في مراقبة النهر الذي يمر أيضاً على أراضيها.
أما كريستينا كيرشنير التي كانت تريد تحاشي فتح الطريق الدولي بالقوة، فإن حصولها على مراقبة مشتركة للنهر وخصوصاً للمعمل سمح لها بالضغط على المعتصمين وإقناع أكثريتهم بأن الوقت قد حان لإعطاء فرصة جديدة، مقابل تخلي الدولة عن الملاحقة القضائية بحقهم.