نيويورك ـ نزار عبوداصطدمت البعثة الإسرائيلية في نيويورك مع جمعية مراسلي الأمم المتحدة وتعرضت لانتكاسة دبلوماسية من العيار الثقيل، وذلك بعد هجومها على الجمعية وكيلها الاتهامات ضدّها، مدّعية أنّها مُنعت من عرض وجهة نظرها في جلسة استماع الناشطة البرازيلية ــ الأميركية يارا في 10 حزيران الجاري، والتي قدّمت شهادة على الاعتداء الإسرائيلي على ركاب الباخرة التركية «مافي مرمرة» الذي وقع في نهاية الشهر الماضي، بينت خلالها العدوانية الاسرائيلية، فما كان على رئيس الجمعية الا أن فضح كذبها وأحرجها.
واتهمت البعثة الإسرائيلية رئيس جمعية المراسلين، مراسل صحيفة «لا ناسيون» الإيطالية، جانباولو بيولي، بمنع البعثة الإسرائيلية، من عرض وجهة نظرها ومن عقد مؤتمر صحافي «موازٍ» لمؤتمر لي. وطالبته بتقديم اعتذار رسمي، مثيرةً شكوكاً حول «الأسباب التي جعلتك تلغي المشاركة الإسرائيلية في المؤتمر قبل ساعتين من عقده».
وزعمت المندوبة الإعلامية في البعثة الإسرائيلية، ميريت كوهين، التي كانت على تواصل دائم مع رئيس الجمعية قبل المؤتمر، أن بيولي تراجع عن وعده بمنحها مشاركة لعرض وجهة نظر حكومتها. واتهمته بـ «التحيز وحرمان المراسلين من فرصة تكوين وجهة نظر شاملة عن الأحداث التي وقعت على مافي مرمرة». وطالبته بتقديم اعتذار رسمي «عن قراره وقرار جمعيته في ما يخص هذا الخطأ».
وفي محاولة للتشكيك بنزاهته، ذكرته بأنها تتوقع منه، بصفته رئيساً لجمعية مراسلي الأمم المتحدة «اتباع نشاط صحافي مسؤول وإظهار إلتزام بالأخبار المتوازنة والموضوعية».
على أن جمعية المراسلين التي تمثل 250 مراسلاً بمن فيهم مراسلو وسائل الإعلام الغربية، وبعد تشاور أعضاء لجنتها التنفيذية، والاطلاع على الرسالة وما نشرته وسائل الإعلام الإسرائيلية «هآرتس» من رواية متحيزة لم تراع فيها السماع لوجهة نظر الجمعية ورئيسها، عقدت اجتماعاً ردّت فيه بحزم على المزاعم الإسرائيلية ووصفتها بأنها «عارية من الصحة».
وقبل المؤتمر الصحافي كان الرئيس بيولي، وعلى مرأى من كافة المراسلين وبحضور «الأخبار» منح الإسرائيليين من خلال اتصال هاتفي دام قرابة نصف ساعة فرصة المشاركة في المؤتمر رغم اعتراض عدد كبير من المراسلين العرب والأتراك على المشاركة. لكن المندوبة الإعلامية الإسرائيلية رفضته. ثم منحها فرصة عقد مؤتمر صحافي بعد انتهاء مؤتمر يارا لي مباشرة خارج ساعات الدوام الرسمي وعرض شريطها والردّ على أسئلة المراسلين، ورفضت ذلك أيضاً.
وقال في خطابه الجوابي للمسؤولة الإسرائيلية التي استفزته كثيراً رسائلها الألكترونية ومكالماتها الهاتفية قبل عقد المؤتمر، إن رسالتها «غير محقّة في معلوماتها وتشوّه الحوار الذي جرى في 10 حزيران الحالي بين الجمعية وبعثتكم».
ونفى أن تكون الجمعية قد حالت في أي وقت مضى دون عرض أي دولة عضو في الأمم المتحدة لوجهة نظرها في الوقت المناسب. وذكرها بالوقائع التي شوهتها في خطابها الرسمي، قائلاً «تعلمين جيداً أن ذلك ليس ما حصل». وأضاف «والأنكى من كل ما جرى كان تلميحك بأن لدينا دوافع أخرى. لقد كنت أنت من رفض عرض الجمعية (عليك) بعرض فيلمك الإسرائيلي وبتقديم رسالتك مباشرة قبل السيدة لي أو بعدها. أنت من رفض الجلوس إلى جانب السيدة لي لعرض وجهة نظرك. وأنت من رفضت تلقي الأسئلة من مراسلي جمعية مراسلي الأمم المتحدة بناء على طلب كافة مراسليها».
وسألها بيولي «ما حجتك في رفض عروضنا؟ لقد أبديت إنزعاجا من نقاشنا الذي رفعت خلاله الصوت بحقي ورفضت كافة عروضنا حول كيفية المشاركة». ثم اقتبس من إحدى رسائلها فقرة تقول، «عليّ الإقرار بأنني تعبت من هذه العملية ولن نشارك في هذه المناسبة المنحازة». وأرفق برده رسائل ألكترونية تم تبادلها قبل المؤتمر الصحافي.
ورفض رئيس الجمعية تقديم أي اعتذار قائلاً «جمعية مراسلي الأمم المتحدة لا تجد سبباً يدعوها لتقديم اعتذار. لقد تصرف أعضاء اللجنة التنفيذية للجمعية بطريقة مهنية عادلة مانحين الطرفين فرصة عرض وجهة نظرهم حول ما جرى في 31 أيار. أردنا عقد مناسبة متوازنة لكنك أحجمت عن المشاركة في مناسبة واحدة. وكان تعاملك مع منظمتنا غير لائق وغير مهني. وإذا كان من أحد مدين بتلقي الإعتذار فهو جمعية مراسلي الأمم المتحدة».
ولقد أظهرت هذه الحادثة مدى التخبط الإسرائيلي في مواجهة الدفق المعلوماتي الواسع من ساحة الجريمة التي حاولت طمس كل حقائقها بمصادرة الأشرطة وإعتقال المراسلين فضلا عن قتل وجرح العشرات.
والغرابة في الأمر أن الأمم المتحدة ترفض المطالبة بالإفراج عن آلات التصوير والأشرطة التي صادرتها القوات الإسرائيلية والتي تقدر قيمتها بمئات آلاف الدولارات، عدا عن قيمتها القضائية الهامة. وفي هذا المجال سألت «الأخبار» مبعوث الأمين العام الخاص لدى الأراضي الفلسطينية المحتلة، روبرت سري، إن كانت الأمم المتحدة تلاحق الإفراج عن تلك الأجهزة والمواد. فردّ بحزم «إنها ليست ضمن قائمة حمولة السفن ونحن لسنا مسؤولين عنها!».