بدا أمس أنّ أزمة العلاقات التركية الإسرائيلية على وشك أن تنتقل إلى العلاقة بين أنقرة وواشنطن، بضغط من اللوبي الإسرائيلي، الذي يسعى إلى تجريم تركيا بـ«الإبادة الأرمنيّة»
واشنطن ــ محمد سعيد
صعّد اللوبي الإسرائيلي في واشنطن حملته على تركيا، مطالباً الحكومة الأميركية باتخاذ موقف يعارض أيّ إدانة دولية لإسرائيل بسبب عدوانها على أسطول الحرية. وقالت مجموعة من النواب الأميركيّين الموالين لإسرائيل إن 126 عضواً في مجلس النواب وقّعوا رسالة تحثّ الرئيس الأميركي باراك أوباما على الوقوف إلى جانب الدولة العبريّة.
وحمّل أعضاء الكونغرس الـ 126 تركيا المسؤولية عن مقتل 9 من مواطنيها على متن أسطول الحرية. وهدّد الأعضاء الموالون لإسرائيل من الحزبين الديموقراطي والجمهوري، في مؤتمر صحافي، تركيا بأنها ستتكبّد ثمناً لاقترابها المتزايد من طهران، وعدائها المتنامي لتل أبيب. كما هدّدوا بالتراجع عن معارضتهم لقرار أصدرته لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب يرى أنّ ما حدث للأرمن على يد الأتراك إبان حكم الإمبراطورية العثمانية بمثابة إبادة جماعية.
وقال النائب الجمهوري مايك بنس (ولاية إنديانا) إنه سيكون ثمة ثمن لبقاء تركيا في توجّهها الحالي المتنامي إلى القرب من إيران، وخصومة دولة إسرائيل. وأضاف «يجب أن يفهموا أنه سيكون ثمة ثمن في ما يتعلق بالقرار بشأن الأرمن».
أما زميله الجمهوري عن ولاية نيويورك بيتر كينغ، فقال إنه يدرس معارضته السابقة في ما يتعلق بالتصويت ضد قرار تبنّي مجلس النواب قرار الاعتراف بالإبادة الأرمنيّة، مشيراً إلى أنه «وعدداً من النواب يؤمنون بوقوع الإبادة، غير أنهم تردّدوا في دعم القرار بسبب العلاقة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وتركيا». وقال أظن أنّ ذلك سيتغيّر.
ووصف النائب الديموقراطي عن نيويورك أليوت أنغل التصرفات التركية بـ«الشائنة»، لأنّها دولة عضو في حلف شماليّ الأطلسي، فيما قالت النائبة الديموقراطية عن نيفادا، شيلي بيركلي، إنها ستعارض بشدة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. وتابعت «لا يستحقّون ذلك الاعتراف، ولا يستحقون أن يكونوا جزءاً من الاتحاد الأوروبي قبل أن يبدأوا بالتصرّف أكثر كالدول الأوروبية، وأقل تماثلاً من (تصرفات) إيران».
وفي ما عدّه مراقبون دليلاً على تراجع العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، ذكرت مصادر دبلوماسية تركية أنّ واشنطن قرّرت تعليق اجتماع لبحث التعاون مع تركيا في مجال مكافحة الإرهاب كان سيُعقد أمس بين منسّق شؤون مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية دانيال بنيامين، ومدير إدارة الشؤون الأمنية في الخارجية التركية إيدن سيزجين.
وقالت المصادر إنّ واشنطن أرجعت عدم حضور دانيال بنيامين إلى إسطنبول إلى ازدحام جدوله، على أن يحدّد موعد آخر للاجتماع فى وقت لاحق. وأضافت إنّ بنيامين كان سيشارك أيضاً في مؤتمر دولي فى إسطنبول عن التعاون المتعدد الأطراف لمكافحة الإرهاب يركّز على الوضع فى العراق، لكنّ واشنطن قرّرت خفض مستوى التمثيل ليحضر أحد مستشاريه، إريك روساند. وأشارت المصادر إلى أن روساند لن يجرى أيّ اتصالات مع مسؤولين أتراك خلال مشاركته في المؤتمر.
وفى الوقت نفسه، رأت وسائل الإعلام التركية أنّ تعليق واشنطن الاجتماع الأمني بمثابة رسالة سلبية أولى من الحكومة الأميركية لتصويت تركيا ضد فرض العقوبات الجديدة على إيران في مجلس الأمن الدولي.
في هذا الوقت، جدّدت أنقرة تهديد إسرائيل بإجراءات سياسية وعسكرية واقتصادية إذا أصرّت على عدم الاعتذار عن مجزرة «أسطول الحرية».
ونقلت وكالة أنباء «الأناضول» عن مصادر دبلوماسية قولها إنّ «أنقرة تطلب اعتذاراً إسرائيلياً ورد اعتبار لعائلات الضحايا، إضافةً إلى استعادة السفن التركية الثلاث التي صادرتها إسرائيل».
إلى ذلك، اتخذت إسرائيل خطوة تصعيدية ضد منظمة حقوق الإنسان والحريات والعمل الإنساني التركية غير الحكومية، آي أتش أتش، التي دعمت «أسطول الحرية»، قائلة إنها «منظّمة إرهابية». وأوضحت قناة التلفزيون الحكومية الإسرائيلية أنّ المنظمة «جزء من لائحة الحركات والجمعيات أو المنظّمات مثل حماس الفلسطينية أو حزب الله، التي بات على أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية مراقبتها عن كثب».