يبدو أنّ الإعداد للحملة الإعلامية للانتخابات الفرنسية الرئاسية المقبلة قد بدأ مع تقدّم عملاق الاتصالات «أورانج»، الذي تملك الدولة الفرنسية جزءاً من أسهمه، بعرض لشراء حصة في «لوموند» لمنع المنافسين من ذلك
باريس ــ بسّام الطيارة
«لوموند تبحث عن مشتر والعروض كثيرة». ففي ظل الوضع المالي للمجموعة الإعلامية التي تصدر صحفاً ومجلات عدّة، وبينها صحيفة «لوموند» اليومية، تبحث المجموعة «عن شريك مضارب» يسعفها مالياً. وكاد خبر المصاعب المالية للصحيفة العريقة يضيع في سلة أخبار تعثّر الإعلام عموماً لولا خبران؛ الأول جاء يحمل تقدّم عملاق الاتصالات «أورانج» (فرانس تيليكوم سابقاً) للمشاركة في رأسمال المجموعة الإعلامية. أما الخبر الثاني الذي نشره موقع مجلة «لوبوان» الإلكتروني، فذكر إمكان أن يكون الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وراء اندفاعة «أورانج»، التي تمتلك الدولة الفرنسية ٢٧ في المئة من رأسمالها.
ونقل الموقع خبر اتصال هاتفي حصل بين ساركوزي ومدير الصحيفة إيريك فوتورينو للاحتجاج على تعليق نشر بشأن إصلاح تشريعي، وأنّه خلال المحادثة تعجّب ساركوزي من «نوعية من يتقدم للمشاركة في رأسمال المجموعة»، في إشارة إلى المتموّل كزافيه نيال صاحب مجموعة «فري» للاتصالات، الذي «جنى ثروته في الثمانينيات من تسويق المواقع المتخصّصة بالجنس».
ونيال، إضافة إلى ذلك، هو المنافس الأول، لا لأورانج فقط، بل لمجموعة «بويغ للاتصالات» التي يملكها «صديق ساركوزي» مارتان بويغ.
ونفى قصر الإليزيه أن يكون لدى الرئيس «وقت للاهتمام بهذه المسائل». إلا أنّ هذه الشائعة تجد صدقية لدى العديدين، بسبب «اهتمام ساركوزي بالإعلام والوسط الإعلامي مباشرة»، هو الذي غيّر القانون ليمسك بمسألة تعيين رئيس مجموعة التلفزيون الرسمي الفرنسي، فضلاً عن الحديث المتكرر عن احتجاجاته الشهيرة لدى رؤساء تحرير عدد من الوسائل الإعلامية.
كذلك فإنّ المحاكم الفرنسية تشهد اليوم قضية رفعتها إدارة «فرانس ـــــ ٣» على صحافي من موقع «شارع ٨٩» بتهمة «السرقة»، لأنّه بثّ بعض اللقطات التي أخذت قبل بدء مقابلة مع الرئيس، الذي بدا شديد التوتر، لأنّ «أحد التقنيين رفض مدّ يده للسلام»، إضافة إلى أنّه «حاول التأثير على مسار الحلقة بإدارة الحوار نحو نقاط معينة». ولكن من الأسباب التي يمكن أن تقف وراء هذا «الضغط»، إذا صحّ الأمر، هو أنّ نيال يدعم عدداً من المواقع «التي وضعت نصب أعينها ملاحقة كلّ هفوات قاطن الإليزيه»، مثل «ميديابارت» و«شارع ٨٩»، كما أنّه يشارك بيار بيرجيه، وهو أحد مموّلي حملة سيغولين رويال، وكان أحد أقرب المقرّبين من الرئيس الراحل فرانسوا ميتران.
من هنا يرى البعض أنّ «إعداد أدوات الإعلام للحملة الرئاسية المقبلة» قد بدأ من اليوم، إذ إنّ صاحب مجلة «نوفيل أوبسرفاتور» المقرّبة من الحزب الاشتراكي يقف في صف العارضين للمساهمة في رأسمال مجموعة «اللوموند». ومن الطامحين إلى المشاركة في رأسمال «لوموند» أيضاً مجموعة بريسا الإسبانية التي تصدر صحيفة «البايس» وتمتلك مجموعة قنوات تلفزيونية، والتي يقف وراءها صندوق استثمارات أميركي. وما يشجّع العديد على الطمع بالحصول على مشاركة مع المجموعة هو أنّ الخسائر لا تتجاوز ٦٩ مليون يورو، وهي ليست كبيرة بالنسبة إلى الأرقام التي تتداولها الصحافة اليوم عن الأزمة، والتي تقاس بعشرات المليارات. ورغم هذا، فإنّ أي مجموعة استثمارية عربية لم تتقدم (حتى الآن) لتحاول أن تحصل على موقع في هذه المؤسسة العريقة التي يمكن اعتبارها «مركز ثقل وتأثير مباشر على واضعي القرارات في فرنسا وأوروبا».