اتفاق تجارة حرّة بيـن تركيا والأردن ولبنان وسوريا بقيت إسطنبول، أمس، عاصمةً دبلوماسية أساسية مثلما هي عليه منذ جريمة «أسطول الحرية». وجمعت تركيا وزراء الخارجية والاقتصاد للدول العربية الـ22 في إطار الاجتماع الرابع للمنتدى الاقتصادي التركي ـ العربي، والثالث لوزراء خارجية منتدى التعاون التركي ـ العربي
تبنّى الوزراء العرب الذين شاركوا في الاجتماع الرابع للمنتدى الاقتصادي التركي ـــــ العربي، والثالث لوزراء خارجية منتدى التعاون التركي ـــــ العربي، أمس، الموقف التركي المدين للاعتداء الإسرائيلي على «أسطول الحرية»، والمصرّ على تأليف «لجنة تحقيق دولية شفافة تحاسب إسرائيل على اعتدائها الصارخ للقوانين الدولية»، وفق ما جاء في بيان ختامي. كذلك شدد المشاركون على أن الانقسام بين حركتي «فتح» و«حماس» قد «ألحق ضرراً بالغاً بالقضية الفلسطينية»، وتعهدوا العمل الجماعي حتى محاسبة الدولة العبرية وحتى فكّ الحصار عن قطاع غزةورغمّ أنّ توقيع كل من تركيا ولبنان وسوريا والأردن، إعلاناً مشتركاً لإنشاء منطقة تجارة حرة بينها كان أبرز نتيجة عملية خرجت عن المؤتمر، إلا أنّ رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان استغلّ كلمته الافتتاحية للردّ على وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس الذي سبق أن قال أول من أمس إنّ تركيا «تبتعد عن البلدان الغربية».
ووصف أردوغان هذا الكلام بأنه «دعاية قذرة تحاول إبعاد تركيا عن التقارب مع الدول العربية». وأشار إلى أنّه «عندما استثمرت فرنسا في سوريا أو في بلدان عربية أخرى، لم تحصل مشاكل، لكن عندما يتعلق الأمر بتركيا التي تستثمر في البلدان العربية أو العكس، تحاول دعاية قذرة منع هذه العملية». وتابع قائلاً إنّ «الذين يقولون إن تركيا قطعت علاقاتها مع الغرب، هم عملاء دعاية تحركهم نيات سيئة».
وعن الجريمة الإسرائيلية، تساءل أردوغان: «هل سنصمت إزاء مقتل 9 مواطنين مدنيين؟ لا يمكننا أبداً إغماض أعيننا عن هذه القرصنة في المياه الدولية. لا يمكن هذا أن يستمر». كلام سارع وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني إلى الرد عليه رداً غير مباشر، عندما كرر رواية غيتس، لافتاً إلى أن الاتحاد الأوروبي «ارتكب خطأ دفع تركيا إلى الشرق بدل جذبها إلينا». وأضاف: «إذا أعطى الاتحاد الأوروبي الأتراك انطباعاً بأننا لا نريدهم أفراداً في الأسرة الأوروبية، فإنهم سيحوّلون أنظارهم نحو آفاق أخرى تتصل بقوة إقليمية، أي نحو إيران والقوقاز وسوريا».
بدوره، اتهم الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، الدولة العبرية بالعدوانية والوحشية، معلناً دعم الجامعة لتركيا في تحدّي إسرائيل. كلام مماثل صدر عن وزير الخارجية المصرية أحمد أبو الغيط، الذي أعرب عن تأييد دولته «لمساعي تركيا إلى محاكمة المسؤولين عن هذه الممارسات».
وعلى هامش أعمال المؤتمرين، وقّعت تركيا والأردن ولبنان وسوريا إعلاناً مشتركاً لإنشاء منطقة تجارة حرة وخالية من تأشيرات الدخول. وستُنشئ الدول الأربع مجلس تعاون مشترك بينها لتحفيز التعاون في مجالات التجارة والزراعة والصحة والطاقة.
وأشار الإعلان، الذي أطلق في نهاية لقاء وزراء الخارجية، إلى أن تركيا والأردن ولبنان وسوريا، «عقدت العزم على التعاون في مجالات عدة، بينها التجارة والسياحة والجمارك والزراعة والصحة والطاقة».
وقال وزير الخارجية التركية أحمد داوود أوغلو إن هذا الإعلان هو «مجال واسع للتعاون بين الدول الأربع»، معرباً عن أمله أن يشمل دولاً أخرى في المنطقة.
تجدر الإشارة إلى أنّ حجم التبادل التجاري بين تركيا والدول العربية يبلغ نحو 13 مليار دولار سنوياً، مع العلم بأنّه سبق لتركيا أن وقّعت اتفاقات تجارة حرة مع كل من مصر والأردن وسوريا والأردن والمغرب وتونس وفلسطين، وتفاوض في اتفاقات مماثلة مع كل من لبنان وليبيا.

داوود أوغلو: الاعتداء الإسرائيلي يعطي شكلاً لنظام إقليمي أكثر عدالة ومساواة

وفي السياق، دعا أحمد داوود أوغلو إلى إقامة منطقة أمنية واقتصادية تركية ـــــ عربية موحَّدة، لأنّ العالم التركي ـــــ العربي هو «المنطقة الأهم استراتيجياً في العالم». وقال إنّ الهجوم الإسرائيلي على «أسطول الحرية»، مثّل، «رغم أبعاده الخطيرة على السلام والأمن الإقليميين، فرصة لإعطاء شكل لنظام إقليمي أكثر عدالة ومساواة».
وفي مؤتمر صحافي في ختام المنتديين، جزم داوود أوغلو بأنّ أنقرة «لن تقبل بتحقيق إسرائيلي، وسنأخذ هذه القضية إلى كل المنظمات الدولية، وسنتابع هذه القضية بدأب».
وكان لرئيس الحكومة سعد الحريري كلمة في المؤتمر، أشار فيها إلى أنّ هدف حكومته «حماية لبنان من المغامرات الإسرائيلية وتدعيم الاستقرار الداخلي». وأكّد توظيف «جميع إمكاناتنا السياسية والدبلوماسية لتدعيم الموقف العربي، ليكون قوة موحَّدة ومتماسكة لإحقاق حق الفلسطينيين بالعودة إلى دولة مستقلة عاصمتها القدس»، معوّلاً على زيارة أردوغان للبنان في تموز المقبل، «لترجمة أفكار التعاون ومشاريع الاتفاقيات مع تركيا إلى خطوات ملموسة».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز، أ ب)