بول الأشقرقدّمت الدولة الأرجنتينية شكوى ضدّ كُبريات الصحف اليومية الأرجنتينية تتهمها فيها بالاستيلاء على معمل الورق الوحيد للصحف عام 1976 بالتواطؤ مع الديكتاتورية العسكرية.
القصة تعود إلى تشرين الثاني عام 1976 عندما بيع «بابيل برينسا»، معمل ورق الصحف الوحيد، إلى صحف «كلارين» و«لاناسيون» و«لارازون»، التي لم تعد موجودة اليوم.
أشهر قبل عملية البيع في شهر آب، يموت في حادث طائرة مشبوه دافيد غرايفير، صاحب مجموعة الصحف.
أشهر بعد عملية البيع، تخطف الديكتاتورية الأرجنتينية العديد من كوادر المجموعة، ومن بينهم أرملة غرايفير، وتخضعهم للتعذيب (ما أدى إلى وفاة محامي الشركة) بتهمة أن «بابيل برينسا» كانت على صلة بمجموعة «مونتونيروس» البيرونية اليسارية التي كانت تخوض حرباً مسلحة مع الديكتاتورية الأرجنتينية.
السؤال التي تثيره الشكوى اليوم هو عن معرفة إذا كانت عملية البيع طبيعية تجارية، أم كما تتهم الحكومة اليوم عملية ترهيب وابتزاز فُرضت على الورثة بقيمة بخسة، وبالتالي «جريمة حقوق إنسان» لا يمر عليها الزمن.
تقول الأرملة إنها لم تستطع ليلة البيع حتى قراءة الوثائق التي أُجبرت على توقيعها، كما أنها أُخرجت مرات أخرى من قاعات التعذيب لتوقيع وثائق إضافية. لذلك، تطلب شكوى سكريتاريا حقوق الإنسان الحكومية مثول كبار المسؤولين العسكريين والسياسيين آنذاك، إضافةً إلى موقّعي العقد قبل 37 عاماً.
وتستمر اليوم «بابيل برنسا» في بيع الورق لـ170 جريدة في الأرجنتين، وتملكها «كلارين» بنسبة 49 في المئة، ولا ناسيون بنسبة 22،5 في المئة، والدولة بنسبة 27،5 في المئة.
وتأتي هذه القضية الجديدة القديمة في مخاض حرب مواقع بين الزوجين كيرشنير والصحف التي تعارضهما بشراسة.
إنها قصة نموذجية أيضاً عن مغزى حرية الصحافة، وإذا كانت تقتصر على حرية المجموعات الإعلامية. ويتجدّد هذا المشهد في أكثرية دول أميركا الجنوبية، حيث وصل اليسار إلى السلطة، مثل البرازيل وبوليفيا وفنزويلا والإيكوادور، وأصبحت الصحافة، عادةً من موقع احتكاري، «الحزب المعارض» الأول، فارضةً أجندتها الخاصة على الحكومة وعلى مستهلكي خدماتها.
في الأرجنتين، تتمتع «كلارين» بهذا الموقع شبه الاحتكاري في مجالات الراديو والتلفزيون والصحافة والإنترنت.
في عام 2008، أقرّ المجلس قانوناً يحدّ الملكية في مجالات الإعلام، وكان المتضرر الأول مجموعة «كلارين»، التي خاضت حرباً ضروساً ضده. وبموجب هذا القانون، لم تجدد الحكومة رخصة شركة توزيع الإنترنت التي كانت تملكها «كلارين».
ومن ضمن المعركة نفسها التي تمثّل الرئاسيات المحددة بعد عام أفقها السياسي، أرسلت الرئيسة كريستينا كيرشنير إلى المجلس، حيث لم تعد تحظى بالأكثرية مشروع قانون ترى فيه أنّ «ورق الصحف خدمة عامة يجب أن تصل في ظروف متكافئة إلى مستهلكيها»، علماً أن الصحف تشتري الورق بسعر يفوق 20 في المئة القيمة التي تدفعها الصحف المالكة لـ«بابيل برينسا».