واشنطن ــ محمد سعيدخاص بالموقع - كرر النائب الأول للرئيس السوداني ورئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت تحذيره من اندلاع أعمال عنف واسعة النطاق إذا تأجل الاستفتاء على مصير جنوب السودان المقرر في التاسع من كانون الثاني المقبل للتصويت على الانفصال أو الوحدة، والذي سيكمل اتفاق السلام الشامل الموقع عام 2005 الذي أنهى عقوداً من الحرب الأهلية في البلاد.
وطالب سلفاكير في ندوة عقدت في معهد الولايات المتحدة للسلام في واشنطن المجتمع الدولي بالتعبير صراحةً عن رفضه عرقلة إجراء الاستفتاء على مصير الجنوب. وقال «يتعين على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي القول بكل وضوح إنه لن يتم السماح بعرقلة أو تأخير هذا الاستفتاء». فيما رأت صحيفة «واشنطن بوست» أن السودان يمكن أن يمثل أزمة دولية رئيسية جديدة للحكومة الأميركية خلال الشهور المقبلة مع قرب موعد الاستفتاء.
وكان سلفاكير، الذي وصل إلى واشنطن يوم الجمعة الماضي، والتقى مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في مؤتمر تجمع النواب السود، قد انخرط فور وصوله والوفد المرافق له في اجتماع طويل مع مبعوث الرئيس الأميركي للسودان سكوت غرايشن ومساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون الأفريقية جوني كارسون والمسؤول عن ملف تنفيذ اتفاقية السلام الشامل في السودان، برنستون ليمان. وجرى بحث الترتيبات الخاصة بالاستفتاء والاجتماع الذي سيعقد في نيويورك على مستوى عال يوم الجمعة المقبل برعاية الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ومشاركة أوباما ووفد سوداني يضم عدداً من كبار المسؤولين برئاسة النائب الثاني للرئيس السوداني، على عثمان طه.
وأشارت «واشنطن بوست» في افتتاحيتها الرئيسية إلى أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون كشفت النقاب أخيراً عن تحذير غير دبلوماسي إلى حد ما بشأن قنبلة زمنية موقوتة لها عواقب وخيمة، وأنها لم تكن تتحدث عن أفغانستان أو إيران أو العراق ولكن عن السودان، وهي دولة لم تحظ بكثير من الاهتمام نسبياً حتى عهد قريب من جانب إدارة أوباما.
وقالت الصحيفة إن كلينتون كانت محقة فىي ذلك، وإنها مسألة أشهر يمكن أن يمثل فيها السودان بالنسبة الى أوباما أزمة دولية رئيسية جديدة يمكن أن تكون أكثر دموية مما سمته الإبادة الجماعية في دارفور.
وأشارت الصحيفة الى أن هناك خطراً على أحد أكبر الإنجازات الدبلوماسية لحكومة الرئيس السابق جورج بوش المتمثلة في اتفاق سلام عام 2005 الذي أنهى عقوداً من الحرب بين الحكومة المركزية في السودان والجنوب، وصفته بـ«المسيحي» الذي أقام حكومة تتمتع بحكم ذاتي، وحدد كانون الثاني المقبل موعداً لاستفتاء حول ما إذا كانت المنطقة التي تشكل نحو الثلث من دولة ضخمة ستصبح مستقلة.
وقالت الصحيفة إن كلينتون أوضحت المشكلة جلياً بإيجاز، وهي أن من المحتم أن يصوّت الجنوب لمصلحة الاستقلال في استفتاء حرّ ونزيه، وأن ذلك سيعني أن تتخلى حكومة الرئيس عمر البشير بصورة سلمية عن منطقة تحتوي على 80 في المئة من احتياطي النفط في البلاد، وأن احتمالات أن يتعاون البشير في هذا الصدد لا تبدو جيدة، إذ تعرقل الحكومة كل شيء من ترسيم الحدود والمحادثات الخاصة بتقسيم الثروات النفطية الى الإعداد لإجراء الاستفتاء.
وأشارت الصحيفة إلى أن البشير مثله في ذلك مثل الزعامة السودانية في الجنوب لديه بالفعل سبب لتفادي حرب جديدة، وأن الجنوب حصل على دبابات وأسلحة ثقيلة أخرى ويتوقع الجيش السوداني مواجهة عسكرية مخيفة في حال قيامه بهجوم، بالإضافة إلى أن اتفاقية تضمن وصول الجانبين إلى عائد نفطي ربما لا يتم تفعيلها وأن الجانبين يحتاجان إلى علاقات أفضل مع باقي العالم.
ولفتت الصحيفة إلى أن إدارة أوباما صعدت مساعيها في السودان، وقدمت حوافز ملموسة للبشير للتعاون تشمل على المدى الطويل تطبيع العلاقات وتحذيرات من عقوبات إضافية في حال عرقلة الاستفتاء، وتم توسيع الوجود الدبلوماسي الأميركي في البلد بسرعة، وإيفاد سفير متمرس للمساعدة في مفاوضات الشمال والجنوب.