واشنطن ـ محمد سعيدخاص بالموقع - واصلت وسائل الإعلام الأميركية التعليق على الجولة الأولى من المفاوضات المباشرة بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية، التي اختتمت يوم الخميس في واشنطن، واتفق على عقدها كل أسبوعين.
وتفاوتت ردود فعل الإعلام الأميركي، إزاء هذه المفاوضات ما بين التفاؤل الحذر والتشاؤم إزاء إمكان التوصل إلى نتائج ملموسة من هذه المفاوضات، مشيرة إلى صعوبة التوصل إلى اتفاق تسوية سلمية دائمة.
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، أن استئناف هذه المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، يعدّ مبشّراً بالنجاح رغم تاريخ طويل من المحاولات الفاشلة التي تعزز التشاؤم المبرر في ما يتعلق بنجاحها في نهاية الأمر.
وقالت الصحيفة في افتتاحيتها الرئيسية يوم السبت بعنوان «بداية أخرى لمحادثات سلام»، إن الاجتماعات في واشنطن التي استغرقت يومين عزفت النغمة الصحيحة، وإنه على النقيض مما حدث في عام 1993، حينما كان يتعيّن إجبار رئيس الوزراء الإسرائيلي، إسحق رابين، آنذاك، والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، على التصافح بالأيدي في البيت الأبيض، فإنه ليس لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والرئيس الفلسطيني، محمود عباس، مشكلة في ذلك.
وأشارت «نيويورك تايمز»، إلى أن النتائج جيدة وهي قرار للاجتماع مرة ثانية في مصر في غضون أسبوعين والاجتماع كل أسبوعين بعد ذلك للتفاوض على اتفاق على كل الموضوعات الجوهرية، معتبرة أن ذلك يعني التفاوض حول حدود دولة فلسطينية جديدة، وأمن إسرائيل، ووضع القدس، ومستقبل اللاجئين الفلسطينيين.
وقالت الصحيفة الأميركية «نحن متشككون منذ فترة طويلة بأن نتنياهو يرغب بصورة حقيقية في اتفاق، لكنه جاء «لإيجاد حل وسط تاريخي» من شأنه أن ينهي صراعاً وأنه يعترف بـ«أن شعباً آخر يتقاسم تلك الأرض معنا»، حتى إنه أبلغ عباس «أنت شريكي في السلام»، وسنرى قريباً ما إذا كان ذلك برمّته مسرحاً سياسياً.
وأوضحت الصحيفة، أن عباس جاء الى المفاوضات على مضض وهو الطرف الأضعف والمعرّض أكثر لخطر إلقاء اللوم عليه في أي انهيار في المحادثات.
وقالت إن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، وفريقه، وجدوا على ما يبدو موطئ قدم أكثر ثباتاً عن العام الماضي، ويحتاج حالياً الى مواصلة السعي للوفاء بتعهده لجعل الولايات المتحدة مشاركاً نشطاً في المحادثات، مشيرة إلى أن سلاماً دائماً سيتطلب جهوداً أكثر، وأنه يتعين على السعودية ودول عربية أخرى ـ طالما دعت إلى وطن فلسطيني ـ الانضمام الى مصر والأردن في مساندة الفلسطينيين والمحادثات بنشاط.
واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بدعوة نتنياهو إلى تمديد فترة الوقف المؤقت للبناء الاستيطاني في الضفة الغربية .
أما صحيفة «يو أس إيه توداي»، فقد أشارت إلى أن مفاوضات واشنطن لم تتوصل إلى حلول لأي من القضايا الأساسية العالقة، ولفتت الى صعوبة التوصل إلى اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، مشيرة إلى أن سلطة الرئيس عباس لا تمتد خارج الضفة الغربية، ونتنياهو غير قادر على اتخاذ قرارات من دون الرجوع إلى الائتلاف الحاكم.
وتوقعت الصحيفة أن تنتهي المحادثات قبل نهاية الشهر الجاري إذا استمرت إسرائيل في بناء المستوطنات، مشيرة إلى أن مجرد الاتصال المباشر بين الجانبين أفضل بكثير من وجود فراغ سياسي ناتج من عدم الاتصال بين الجانبين.
وفي السياق نفسه، ذكرت صحيفة «واشنطن تايمز»، أن أهم نتائج المفاوضات هو الاجتماع المرتقب للجانبين في 14 و15 أيلول الجاري.
وفي مقال آخر، توقعت «نيويورك تايمز»، فشل المفاوضات خلال ثلاثة أسابيع، مشيرة إلى أن الطرفين لم يناقشا قضية وقف بناء المستوطنات، إلا أنها أوضحت أن مشاركة حكومة الرئيس أوباما في المباحثات المقبلة في شرم الشيخ، تعدّ إشارة إلى الدور القوي الذي ستقوم به الولايات المتحدة في المستقبل.
وتوقّع الكاتب سكوت ويلسون في صحيفة «واشنطن بوست»، أن يتخذ نتنياهو موقفاً مغايراً لموقف حكومته الائتلافية المتشدد بالنسبة إلى بناء المستوطنات، وأوضح أن التوصل إلى اتفاق سلام سيعزز من موقف عباس ضد حماس، موضحاً أن ما وصفه بالتهديد النووي الإيراني قد يؤدي إلى نجاح مفاوضات السلام، حيث إن إسرائيل والعرب والولايات المتحدة لديهم جميعاً مخاوف من طموحات إيران النووية.
وذكرت شبكة التلفزيون الأميركية «سي بي إس»، أن مفاوضات واشنطن لم تؤدّ إلى انفراجة في عملية التسوية، وتوقعت عدم التوصل إلى اتفاق سلام بسبب موقف الرأي العام المتشدد لدى الجانبين.
وتوقعت «إيه بي سي»، أن تقوم وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، بدور كبير في الفترة المقبلة، في ما يتعلق بمفاوضات التسوية.
أما صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» فقد ذكرت أن مستقبل عملية التسوية مرهون بنتائج العمليات الأخيرة لحماس التي قتلت وأصابت فيها إسرائيليين، مشيرة إلى أن «تخريب عملية التسوية» يمثل هدفاً لمن سمّتهم المتشددين.
وأشار الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، (المؤسسة الفكرية للوبي الإسرائيلي)، ديفيد ماكوفسكي، في مقال نشرته صحيفة «يو إس إيه توداي»، إلى أن الهدف من عمليات حماس الأخيرة هو «تعطيل مفاوضات التسوية الجارية»، وقلل من أهمية مثل هذه العمليات ودلل على ذلك بالإشارة إلى أن العمليات الانتحارية التي نفذتها حماس في التسعينيات قبيل انتخابات عام 1996 أدت إلى وصول نتنياهو إلى رئاسة الحكومة، كما قللت نتائجها من أهمية مفاوضات التسوية لدى الرأي العام الإسرائيلي.
من جانبها، ذكرت الكاتبة إيزابيل كيرشنر، في صحيفة «نيويورك تايمز»، أن خبراء ومحللين سياسيين إسرائيليين يرون أن الاتفاق على حلول مؤقتة بشأن عملية التسوية أفضل بكثير من محاولة التوصل إلى حلول نهائية، نظراً إلى صعوبة ذلك.
وقالت كيرشنر، إن نتنياهو لن يقدم تنازلات للفلسطينيين أكثر من سلفه إيهود أولمرت، الذي عرض على عباس الانسحاب من 93 في المئة من الضفة الغربية، وهو ما رفضه الأخير.
ودعا الإعلامي الإسرائيلي، إيهود يعاري، الباحث حالياً في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إلى الإسراع في إقامة دولة فلسطينية ضمن حدود مؤقتة على 80 إلى 90 في المئة من الضفة الغربية، وهو ما يتطلب إجلاء ما لا يقل عن 50 ألف مستوطن إسرائيلي وتعويض أو إعادة توطين اللاجئين. وقال إن أي اتفاق مؤقت يجب أن يكون مصحوباً باتفاق مبادئ يضع الخطوط العريضة لأي تسوية نهائية.
أما نائب مستشار الأمن القومي للرئيس السابق جورج بوش، إليوت أبرامز، فقد دعا حكومة الرئيس أوباما، إلى تجنب ارتكاب الأخطاء ذاتها التي ارتكبتها حكومة بوش السابقة. وقال إنه ينبغي ترك الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي يبحثان قضايا التسوية من دون تدخل عميق مباشر من المسؤولين الأميركيين. وقال في مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست»، إن الخطأين الآخرين اللذين ينبغي على حكومة أوباما تجنبهما، هما، التركيز على المفاوضات وإيلاء اهتمام ضئيل للغاية للحياة في الضفة الغربية، وهذا يتطلب مطالبة الدول العربية بتقديم المزيد من الأموال لدعم السلطة الفلسطينية لتحسين الوضع الاقتصادي والحياتي في الضفة الغربية. أما الخطأ الثالث فهو «السعي إلى اتفاق إطار» رأى المبعوث الأميركي الخاص لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي، جورج ميتشيل، أنه لا يمثل اتفاقاً مؤقتاً، بل هو أكثر تفصيلاً من إعلان مبادئ، ولكنه أقل من معاهدة كاملة.