موسكو ــ حبيب فوعانيأعلن السفير الروسي لدى باكستان، أندريه بودنيك، تخلّي بلاده عن المشاركة في المشروع الاستراتيجي الضخم لبناء خط أنابيب الغاز من إيران إلى الهند عبر باكستان، والمعروف باسم «مير»، في ما بدا أنه إصرار من الكرملين على سياسة التباعد عن طهران.
وأكد السفير «أن أياً من الشركات الروسية غير مهتمة بتحقيق مشروع الغاز بين باكستان وإيران»، وأن المشروع «كان منذ البداية سياسياً لا جدوى اقتصادية منه».
وجاء هذا التصريح الحاد بعد شهر فقط من المباحثات الروسية ـــــ الباكستانية الناجحة في موسكو بشأن المشروع، الذي ستبلغ تكلفته 7 مليارات و600 مليون دولار، ويقضي بنقل الغاز الإيراني إلى باكستان من حقل «فارس الجنوبي» بطاقة تمريرية أوّلية تبلغ 22 مليار متر مكعب في العام، وينتظر أن ترفع الكمية لاحقاً إلى 55 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.
ويمتدّ الخط 2700 كيلومتر، يمر منها 1100 كيلومتر عبر الأراضي الإيرانية، و1000 عبر الأراضي الباكستانية، و600 عبر الهند. أما قطر الأنبوب فيبلغ 1400 ميليمتر.
وكان من المفترض البدء ببنائه في منتصف العام الجاري، وأن يتمّ إنجازه عام 2015.
كذلك كان يجب أن يشارك البنك الآسيوي للتنمية في تمويله، إضافة إلى شركة الغاز الروسية العملاقة «غازبروم»، التي عوّلت على أن يمنحها المشروع منفذاً لتصدير الغاز من أوروبا إلى آسيا، وقدرة على تصدير الوقود الأزرق إلى الهند، إحدى أكبر مستهلكيه في القارة الصفراء.
إضافة إلى ذلك، سينافس هذا الخط، في حال تحقيقه، خط الغاز الأوروبي «نابوكو» المدعوم أميركياً، الذي سينقل الغاز من تركمانستان إلى الهند عبر أفغانستان وباكستان.
وتُعدّ إيران، إلى جانب روسيا وقطر، حجر الزاوية في منتدى الدول المصدرة للغاز، الذي أبصر النور في طهران عام 2001، ويضم 15 دولة، تملك أكثر من 70 في المئة من احتياطيات الغاز الطبيعي في العالم، وتنتج 41 في المئة من الإنتاج العالمي من الغاز.
وبررت المصادر الروسية التخلي عن المشروع بالامتثال للعقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة على إيران، رغم معرفة موسكو التامة بأن هذه العقوبات في حقيقة الأمر لا تنطبق على التعاون في مجال الطاقة. لكنّ الخبراء يعترفون بأن الولايات المتحدة وقفت منذ البداية ضد تحقيق مشروع «مير»، وأن استياء واشنطن منه قد وصل إلى ذروته، في ضوء اشتداد التوتر في علاقاتها مع طهران.
ويقول الخبير الروسي في شؤون الشرق الأوسط، فلاديمير أونيشينكو، إن استمرار التعاون مع إيران أصبح محرجاً لروسيا، «لأن علاقات روسيا مع الولايات المتحدة ليست أقل أهمية من علاقاتها مع الشرق الأوسط، وذلك كان السبب الحقيقي للتخلي عن المشروع».


يرى الخبير الأميركي تيد كاربينتر أن قرار رئيس روسيا، ديمتري مدفيديف، التخلي عن المشاركة في مشروع «مير» هو إشارة إلى تغيّر السياسة الروسية إزاء الجمهورية الإسلامية. ويضيف أن «موافقة روسيا على قرار مجلس الأمن الذي فرض عقوبات جديدة على إيران، والامتناع عن بيعها منظومات الدفاع الجوي الصاروخية «إس ــ 300»، هما علامتان على أن العلاقات بين البلدين تسير نحو الأسوأ».