باريس ــ الأخبار«لا يمكن الانتصار على الفرنسيين». هذا ما قالته زعيمة الحزب الاشتراكي، مارتين أوبري، متوجهة إلى ساركوزي، ومطالبةً بعدم إصدار المرسوم. وتبدو النقابات ضائعة بين اللحاق بقاعدتها الشعبية التي تطالب باستمرار الحركة الاحتجاجية، و«واقع القانون». تَردّدٌ برز في مواقف زعماء النقابات، وخصوصاً رئيس الكونفدرالية العام للعمال «سي جي تي»، برنار تيبو.
الواقع أن الصراع انتقل إلى الحلبة السياسية، وهو ما يفسر عدم تباهي ساركوزي بـ«الانتصار» في هذه المعركة الشرسة، وتلطيه خلف الحكومة الفرنسية التي تقول بضرورة تحرك القانون وطي صفحة الاحتجاجات.
في المقابل، لا تزال الحركة الاحتجاجية قائمة. نزل ٢٧٠ الف متظاهر من مختلف أنحاء فرنسا إلى الشارع، رغم فترة العطلة التي تعيشها البلاد. إلا أن المشكلة تكمن في عجز النقابات عن استثمار الحشد الذي جندته منذ شهرين لأنها، كساركوزي، أمام موقف صعب تمثّل في اتساع رقعة المطالب ونزول الطلاب إلى الشوارع وبدء الحديث عن مطالب سياسية تتجاوز إصلاح الضمان الاجتماعي، فيما تختلف حسابات النقابات السياسية، وخصوصاً أنها ليست موحدة في جبهة واحدة.
المعارضة أيضاً لا تملك أي حيز مناورة. هي عوّلت وتُعول كثيراً على تحرك النقابات والطلبة من دون أن تحدد صراحةً أهدافها أو إلى أي حد تريد أن يمتد النزاع من دون أن يثير غيظ المواطنين. من هنا يمكن تفسير نداء الزعيمة الاشتراكية مارتين أوبري لساركوزي بالامتناع عن إصدار مرسوم القانون ووضعه حيز التنفيذ.
إذاً، يبحث الجميع عن باب للخروج من الأزمة مع حفظ ماء وجه الآخر. الحكومة بدأت بالحديث عن إجراءات وتدابير اجتماعية لمواكبة القانون الجديد والتخفيف من حدته مع وعد بورشة إصلاحات كبيرة عام ٢٠١٣. ولاحظ المواطنون الذين تتبّعوا البرامج الإخبارية عشية اليوم الاحتجاجي الجديد أن أياً من زعماء النقابات لم يعترض على «ضرورة فتح مشاورات مع أرباب العمل» لتطبيق القانون الجديد، فيما يطالب أكثر من قطب اشتراكي بانتظار الاستحقاقات الانتخابية المقبلة لمعالجة سياسية للقانون، أي تغييره في حال وصولهم إلى الحكم.
عدد من المتابعين للتحولات الاجتماعية التي تشهدها فرنسا منذ وصول ساركوزي إلى الحكم، يصفون ما يحدث بثورة على نار هادئة أشعلتها النقابات وساركوزي، وسيركبها الطلبة بينما تقف المعارضة حائرة.