انتشل الأرجنتين من الهاوية وسلّمها لزوجته... ورحل


بول الأشقر
توفي صباح أمس فجأة الرئيس الأرجنتيني السابق نستور كيرشنير، زوج الرئيسة كريستينا والأمين العام لمنظمة أوناسور التي تضم دول أميركا الجنوبية كلها. وكان الرئيس كيرشنير ـــــ وعمره 60 سنة ـــــ قد أخضع إلى عمليتين جراحيتين خلال السنة الجارية لمعالجة انسدادات في شرايينه. وقد توقف قلبه فجأة في أول ساعات الصباح ونقل إلى المستشفى إلا أن الأطباء عجزوا عن إنعاشه. وأجمعت التعليقات الموالية والمعارضة والدولية على «الخسارة الفادحة لرجل دولة من طرازه».
وكان نستور كيرشنير ينتمي، وكذلك زوجته كريستينا، إلى جيل الشباب الأرجنتيني الذي كان مقرباً من منظمة مونتونيرو ـــــ البيرونية اليسارية ـــــ التي خاضت حرباً بداية مع المجموعات اليمينية المتطرفة ـــــ البيرونية أيضاً ـــــ قبل أن يتابعوها مع الحكم العسكري اليميني.
وبعد نضالات الشباب وانتكاسات الأحلام، عاد نستور كيرشنير برفقه زوجته كريستينا إلى ولاية سانتا كروز، قرب ولاية بانتاغوانيا في أقصى جنوب الأرجنتين، حيث ركز نشاطه على العمل المحلي فأصبح رئيس بلدية عاصمة الولاية ثم حاكم الولاية الغنية بالنفط وبالغاز، فيما كانت زوجته كريستينا تتسلق درجات السلم السياسي الوطني نائبةً ثم شيخة.
وغرقت الأرجنتين في أواخر أيام عام 2001 في أزمة خطيرة أدت إلى انهيار اقتصادها، ما أجبر الرئيس الراديكالي دي لا روا على ترك الرئاسة، بعدما سالت الدماء في الشارع. وتداول السلطة مؤقتاً 3 رؤساء قبل أن يسلّم الكونغرس البيروني إدواردو دوهالدي مهمة إنهاء ولاية دي لا روا.
وبعدما جمّد دوهالدي حسابات المواطنين لتحاشي إفلاس المصارف، دعا إلى انتخابات مبكرة في عام 2003 واختار لتمثيله نستور كيرشنير، المجهول لدى الرأي العام، لمنافسة الرئيس السابق كارلوس منعم، ممثل البيرونية اليمينية. في غياب مرشح راديكالي نتيجة الأزمة، بقي للدورة الثانية البيرونيان كيرشنير ومنعم مع أن أياً منهما لم ينل ربع الأصوات في الدورة الأولى. وصار نستور كيرشنير رئيساً بعدما انسحب منعم من هزيمة مؤكدة وفي محاولة لنزع الشرعية عن كيرشنير.
في الرئاسة، عرف كيرشنير بلقب «البطريق» بسبب شكل وجهه وأيضاً بسبب ولايته القريبة من القطب الجنوبي. ونجح في إعادة تفعيل الاقتصاد وانتشاله من الهاوية. واقترب من مناضلي حقوق الإنسان لإحلال العدالة حول حقبة «الحرب القذرة» (حقبة العسكر) التي كان منعم قد أعفى عن المرتكبين فيها، ما أدى في النهاية إلى عدّ قوانين العفو غير دستورية. واقترب من الرئيسين البرازيلي لويس إيغناسيو لولا دا سيلفا والفنزويلي هوغو تشافيز، ومعاً استطاعوا دفن السوق المشتركة الأميركية، التي كان يعمل لها الرئيس الأميركي جورج بوش، ثم إطلاق المنظمة الإقليمية أوناسور. وفي انتخابات عام 2007، اختار نستور كيرشنير ترشيح زوجته كريستينا، ففازت بالرئاسة بسهولة.
وبعد خروجه من السلطة، ترأس كيرشنير الحزب البيروني وانتخب قبل أشهر أول أمين عام لمجموعة أوناسور، وكان قد أدى دوراً فاعلاً في مصالحة تشافيز والرئيس الكولومبي الجديد خوان مانويل سانتوس.
لم يكن محسوماً بعد إذا كان نستور سيترشح مجدّداً في انتخابات عام 2011. وفاته المفاجئة تعيد خلط الأوراق، ولا تحرم الرئيسة كريستينا فقط من رفيق عمرها أو من أب ولديهما، بل أيضاً من «رفيق» سياسي كانت أول مستشاريه عندما كان رئيساً وكان أول مستشاريها خلال رئاستها.