موسكو ــ حبيب فوعانيخاص بالموقع- كان البرلمان الشيشاني هدفاً لهجوم نفذه أربعة مسلحين، وأدى إلى سقوط انتحاريين وثلاثة من المسلحين، وثلاثة من حراس البرلمان، وموظف مدني، إضافة إلى جرح نحو 17 شخصاً. وكالعادة، قام المسلحون بهجومهم عند الصباح مع بدء وصول الموظفين إلى المؤسسات الحكومية، لكنهم لم يختاروا هذه المرة حاجزاً أمنياً أو مخفراً للشرطة هدفاً للهجوم، بل وجهوا ضربتهم إلى البرلمان الواقع داخل مجمّع حكومي في قلب العاصمة الشيشانية غروزني. وحدث الهجوم خلال وجود وزير الداخلية الروسي رشيد نور علييف في غروزني. ويأتي الهجوم قبيل انعقاد قمة حلف شمالي الأطلسي ـ روسيا، التي سيحضرها الرئيس الروسي ديميتري مدفيديف في لشبونة الشهر المقبل، والتي تعقد لأول مرة منذ حرب الأيام الخمسة ضد جورجيا، حيث يهدف المسلحون من وراء ذلك إلى فتح الباب للتحريض الإعلامي ضد موسكو وإحراجها.
من جهته، قال الرئيس الشيشاني، رمضان قادروف، لقناة «روسيا اليوم»، إن الشيشان «تحاول إيجاد لغة مشتركة مع الشباب المضللين من المقاتلين الموجودين في الجبال والغابات»، مشدداً على ضرورة «إبادة الإرهابيين الذين يستغلون الشباب، لأن الإرهابيين لا يفهمون لغة أخرى»، ومؤكداً أن عددهم «لم يعد يتعدى 50 ـ60 مسلحاً».
لكنّ المحلل السياسي الروسي في مركز «كارنيغي»، ألكسي مالاشينكو، يرى أن محاولة اغتيال قادروف هذا العام، واقتحام مسقط رأسه قرية تسينتروي، وكذلك الهجوم على البرلمان تدل على أن «الرئيس الشيشاني لا يسيطر على الوضع، وأن حرباً أهلية تدور في الشيشان لا عمليات تقوم بها بقايا رجال العصابات».
يمكن القول إن النشاط المسلح للانفصاليين قد خفتت حدته في الأوقات الأخيرة. وتؤكد ذلك بيانات الشرطة، ولا سيما بعد إعلان موسكو في 16 نيسان من العام الماضي انتهاء عملية «مكافحة الإرهاب»، التي بدأت قبل عشر سنوات في الشيشان، منهية بذلك رسمياً صراعاً مريراً استمر نحو 18 عاماً.
فرجال الأمن الآن يحاصرون المسلحين ويوقفونهم أو يقضون عليهم في حال مقاومتهم، ولكنهم لم يعودوا يهاجمونهم.
غير أن وسائل عمل المسلحين في عملياتهم المحدودة، التي وقع آخرها في مترو الأنفاق في موسكو نهاية آذار الماضي، قد تغيّرت وأصبحت أكثر استعراضية، للإشارة إلى أنهم لا يزالون في مواقعهم.
إلى متى سيبقى المسلحون الشيشانيون على مسرح الأحداث؟ الجواب لا يعرفه أحد.
لكنّ المؤرخين يشيرون إلى أن رجال ستيبان بانديرا من تنظيم القوميين الأوكران، الذين كانوا يحاربون من أجل استقلال أوكرانيا عن الاتحاد السوفياتي وتحالفوا مع النازيين عام 1941، واصلوا أعمالهم التخريبية إلى الخمسينيات من القرن الماضي، رغم انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 ودحرهم.
كذلك، فإن الدولة السوفياتية بقيت تلاحق الانفصاليين من «إخوة الغابات» اللاتفيين منذ عام 1941 إلى الستينيات من القرن الماضي، فيما حرب القوقاز الكبرى بقيادة الإمام شامل ضد الروس، التي بدأت عام 1834 وأُعلن انتهائها عام 1859، لم تضع أوزارها إلا في عام 1864، بعدما قُضي على آخر المقاتلين المختبئين في الجبال.
يذكر أن برلمان الشيشان، الذي انتخب نوابه في تشرين الثاني من عام 2008، يتألف من 41 نائباً، 37 مقعداً في البرلمان تعود إلى حزب «روسيا الموحدة»، وأربعة مقاعد تعود إلى حزب «روسيا العادلة».