عائشة كرباتفي هذا السياق، يؤكّد الأستاذ في جامعة بيلكنت، مصطفى كيبار أوغلو، أن أنقرة «لن ترضخ للضغوط الأميركية لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، ما لم تتحقق مطالبها». ويضيء كيبار أوغلو على نقطة مهمة، هي أن تركيا تقف على أعتاب انتخابات تشريعية ستكون مصيرية في حزيران المقبل، «لذا، إن الحكومة التركية ستتردد قبل أن تظهر لمواطنيها بمظهر الضعيف الذي يخضع للضغوط الأميركية، وخصوصاً في شأن حسّاس عند الأتراك كالعدوانية الإسرائيلية».
ويجزم الأستاذ الجامعي بأنه إذا واصلت حكومة نتنياهو سياساتها الاستيطانية قبل انتخابات حزيران، فإنّ تركيا لن تقف على الحياد، وذلك سيؤثر سلباً على علاقاتها مع واشنطن أيضاً.
في المقابل، ترى الصحافية في «هابرتورك»، سيدة كاران، في حديث لـ«الأخبار»، أن الإدارة الأميركية «ستتصرف بواقعية مع تركيا، ولن تتخلى عنها لحساب إسرائيل، لمعرفتها الوثيقة بالأهمية التركية الاستراتيجية بالنسبة إلى المصالح الأميركية في المنطقة». وتعطي كاران مثالاً في العراق حيث «انتصرت إيران في معركة الأزمة الحكومية، وبالتالي من غير المنطقي أن تقرر واشنطن خسارة منطقة نفوذ أخرى بعد العراق، من خلال دعم إسرائيل ضد تركيا، لأن الإدارة الأميركية تدرك جيداً أنّ تركيا عنصر تهدئة في المنطقة، بعكس إسرائيل». ولا كلام أصدق على ذلك من تصريح كيري، خلال وجوده في أنقرة، لمجموعة ضيقة من الصحافيين، بأنّ «في مستطاع تركيا تأدية دور في مساعدتنا، نحن الأميركيين، على الحد من مستوى التوتر في الشرق الأوسط... بمقدور تركيا فعل الكثير تجاه سوريا ولبنان».
من جهة أخرى، يرى عدد كبير من الأترك، مثل النائب السابق لوزير الخارجية التركية أوغور زيال، أنّ السياسة الخارجية الأميركية لن تتأثر جدياً بنتيجة الانتخابات النصفية. شأنه شأن أحد أشهر المحللين للشؤون التركية، سدات لاشينر، الذي لا يزال مؤمناً بأن إدارة أوباما تريد إحلال السلام، لكنها «ممنوعة من فعل ذلك»، بدليل أنها أرادت دعم تركيا بعد جريمة «أسطول الحرية»، لكنها عجزت.
وفي هذه الزحمة من التحليلات، يظهر رأي آخر يربط مصير العلاقات الأميركية ـــــ التركية بعنصر رئيسي: القمّة المقبلة لحلف شماليّ الأطلسي في العاصمة البرتغالية لشبونة في 19 و20 من الشهر الجاري، التي سيتصدر جدول أعمالها بند الدرع الصاروخية المقرر نشرها في الأراضي التركية.
فالأستاذ في «جامعة الثقافة»، حسن كوني، يرجّح أن تتشدد تركيا في موقفها من الدرع، على قاعدة أنها لن تستقبل المنظومة الصاروخية الأطلسية على أراضيها إلا بعد التأكيد في وثائق الحلف رسمياً، أنها غير موجهة إلى أي دولة، وتحديداً إيران. من هنا، أغلب الظن أن العلاقات الغربية ـــــ التركية لن تشهد تطوراً إيجابياً في قمة لشبونة، وسيجد منظّرو تغيّر وجهة الدبلوماسية التركية من الغرب إلى الشرق أسبابهم الجديدة لمهاجمة رجب طيب أردوغان ورفاقه.