محفّزات واشنطن: اتفاق أمني و20 طائرة «أف 35» وفيتو في مجلس الأمن«عرض سخيّ لمقابل بخس»، قد تكون هذه العبارة إلى التوصيف الأفضل للعرض الذي حمله معه بنيامين نتنياهو من الولايات المتحدة؛ سلاح واتفاق أمني وفيتو مقابل تجميد جزئي للاستيطان لثلاثة أشهرعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، أمام وزرائه اقتراحاً أميركياً يتضمن تجميد البناء الاستيطاني في الضفة الغربية لمدة ثلاثة أشهر مقابل «رزمة محفزات» سياسية وأمنية.
ووفقاً لما تسرب عن الاقتراح الأميركي، الذي طرحته وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون خلال لقائها نتنياهو الأسبوع الماضي على مدى أكثر من سبع ساعات، ستعلن إسرائيل تجميداً آخر للبناء الاستيطاني في الضفة الغربية لمدة 90 يوماً، بحيث يسري التجميد على كل بناء جديد بدأ بعد انتهاء مدة التجميد الأولى في 26 أيلول الماضي.
وفي مقابل التجميد، الذي لن يشمل القدس المحتلة، ستتعهد الولايات المتحدة بألا تطلب مرة أخرى تمديد تجميد البناء. كما أن الإدارة الأميركية ستطلب من الكونغرس الموافقة على تسليح إسرائيل بـ20 طائرة قتالية متطورة من طراز «اف 35» بقيمة 3 مليارات دولار».
ويتضمن الاقتراح كذلك توقيع الولايات المتحدة مع إسرائيل على اتفاق أمني منفصل وشامل في حال التوقيع على اتفاق سلام مع السلطة الفلسطينية.
وتقترح الولايات المتحدة أيضاً استخدام حق النقض «الفيتو» لفترة محدودة لن تتجاوز السنة في مجلس الأمن، وتعارض في الأمم المتحدة وفي الهيئات الدولية الأخرى، أي مبادرة لاقتراح ضد إسرائيل في القضايا ذات الصلة بـ«محاولات فرض تسوية سياسية على إسرائيل أو الإعلان من جانب واحد عن إقامة دولة فلسطينية، أو أي حملة تهدف إلى نزع شرعية إسرائيل أو نزع حقها في الدفاع عن نفسها».
من جهته، أوضح رئيس دائرة الشرق الأوسط في البيت الأبيض، دان شبيرو، خلال محادثة أجراها مع عدد من قادة اليهود في الولايات المتحدة قبل أيام، أن الرزمة الأميركية تتضمن أيضاً «النشاط الدبلوماسي الأميركي ضد أي محاولة لنزع شرعية إسرائيل في الساحة الدولية».
ويتضمن الاقتراح أن تواصل الولايات المتحدة العمل على وقف أي مباحثات أو إجراءات في الأمم المتحدة بشأن تقرير غولدستون، وأن تلتزم برفض أي قرار ضد إسرائيل بشأن مجزرة أسطول الحرية، بالإضافة إلى منحها ضمانات لعرقلة أي قرار دولي ينص على فرض الرقابة على المنشآت النووية الإسرائيلية، وتعهدات بزيادة الضغوط على إيران وسوريا بكل ما يتصل بتطوير برامج البلدين النووية.
وفي وقت وصفت فيه صحيفة «يديعوت أحرونوت» العرض الأميركي بـ«السخيّ»، رجحت مصادر سياسية إسرائيلية موافقة غالبية ضئيلة في مجلس الوزراء الأمني المصغر، وهو الجهة المسؤولة في النهاية عن اتخاذ قرار في هذا الشأن، على الاقتراح.
بدوره، أعرب رئيس إدارة الائتلاف الحكومي، زئيف الكين، عن اعتقاده بأن معظم وزراء ونواب الليكود سيعارضون الاقتراح، مشيراً إلى أن المساعدات السياسية الأميركية قد تضر بإسرائيل بدلاً من أن تساعدها. وأعرب عن خشيته من استغلال فترة التجميد الجديدة لممارسة ضغوط شديدة على إسرائيل فى مسألة الحدود.
وفي السياق، عقد وزراء الليكود أول من أمس جلسة ركزت على مناقشة الاقتراح الأميركي، تبيّن خلالها أن ما لا يقل عن 4 وزراء صرّحوا بمعارضتهم لتجميد الاستيطان، بينهم سيلفان شالوم وموشي يعالون ويولي ادلشطاين وغلعاد أردن.
كذلك أبدى نتنياهو تحفظه على الاقتراح الأميركي، وقال في بداية جلسة مجلس الوزراء أمس إن الاقتراح ليس نهائياً، وعندما يستكمل سيعرض على المجلس الوزاري السياسي الأمني للتصديق عليه.
في المقابل، أبدى رئيس حزب «شاس»، إيلي يشاي، استعداد الحزب لدراسة «الامتناع عن معارضة الاقتراح»، «إذا أوضح الرئيس الأميركي في رسالة منه بأنه سيكون هناك بناء فوري في القدس، وأنه بعد 90 يوماً سيكون بالإمكان البناء في كل مكان».
وتزامنت معارضة التسريبات عن معارضة حزب الليكود للاقتراح الأميركي مع شن صحيفة «نيويورك تايمز» هجوماً شديداً على نتنياهو، متهمةً إياه بأنه يهتم بالحفاظ على ائتلافه الحكومي أكثر من اهتمامه بالسلام مع الفلسطينيين.
وتحت عنوان «السياسة فوق السلام»، رأت الصحيفة الأميركية أنه «إذا كان نتنياهو على استعداد لاتخاذ قرارات صعبة ضرورية لتحقيق السلام، فإن ذلك ليس واضحاً هذه الأيام». وأضافت «وما هو واضح أنه قرر إبقاء ائتلافه المتشدد وإعطاءه أهمية أكثر من العمل مع الرئيس أوباما على بلورة اتفاق سلام، وذلك مع التعويل على قيام حلفائه الجمهوريين الذين تعززت قوتهم في مقر الكونغرس فى واشنطن بدعمه مهما فعل».
من جهتهم، دعا زعماء المستوطنين إلى عقد اجتماع طارئ لمناقشة الأمر، بعدما رأوا أن قبول الحكومة الإسرائيلية بالعرض سيمثل «انهياراً أساسياً» لوحدة الحكومة.
في غضون ذلك، نفت السلطة الفلسطينية علمها بتوجه إسرائيل لتجميد الاستيطان بناءً على العرض الأميركي. وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، «ليست لدينا أي معلومات رسمية بهذا الخصوص»، مشيراً إلى أن «الموقف الفلسطيني الرسمي لن يعلن قبل أن يتسلّم الرئيس محمود عباس رداً رسمياً من الإدارة الأميركية بشأن حقيقة ما يجري».
من جهته، أكد كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، أن القيادة الفلسطينية لم تتلقّ توضيحاً رسمياً من الإدارة الأميركية، معلناً رفض الاقتراح الأميركي الذي تناولته وسائل الإعلام، «جملة وتفصيلاً» لأنه لا يشمل القدس الشرقية المحتلة، «وهذا يعدّ أمراً محرّماً بالنسبة إلى الفلسطينيين».
(الأخبار)