لم يكن تعليق منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) أواخر الشهر الماضي منح جائزة في علوم الحياة تحمل اسم زعيم غينيا الاستوائية، تيودورو أوبيانج نغويما مباسوغو، سوى انتكاسة إضافية لجهوده الهادفة إلى تحسين سمعته الدولية، في ظل اتهامات الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان التي تلاحقه منذ حكمه البلاد قبل 31 عاماً.ويتعرض مباسوغو، الذي يحكم غينيا الاستوائية منذ 1979 عندما أطاح عمه في انقلاب دموي، لاتهامات من منظمات المجتمع المدني بالفساد وانتهاك حقوق الإنسان في بلد تحول منذ منتصف التسعينيات إلى واحد من أكبر البلدان المصدرة للنفط.
وعلى الرغم من حرمان الشعب مكاسب العائدات النفطية، إلا أن النفط حرك مطامع الكثيرين للوصول إلى السلطة. وتأسيساً على ذلك، شهدت البلاد عدداً من المحاولات الانقلابية بهدف إطاحة أحد أكثر حكام أفريقيا بقاءً في منصبه.
محاولات أكثرها إثارة للجدل كانت في عام 2004، وقد عادت تفاصيلها إلى الواجهة قبل أيام مع إعلان انتقال أحد المرتزقة، سيمون مان، المتهم بقيادة محاولة الانقلاب، للعمل مستشاراً لمباسوغو.
وتعود تفاصيل القضية إلى آذار 2004، عندما أوقف المسؤول السابق في جهاز الطيران الخاص في مطار هراري في زيمبابوي في أثناء إعداده لشحن أسلحة في طائرة وصلت من جنوب أفريقيا، على متنها عشرات من المرتزقة اتهموا بمحاولتهم الانضمام إلى مجموعة أخرى لتنفيذ الانقلاب داخل غينيا الاستوائية.
وبعد سنوات من المحاكمة في زيمبابوي، أدين مان في خلالها بجرائم نقل أسلحة من دون ترخيص، وقد سلّم إلى غينيا الاستوائية في عام 2008، حيث حكم عليه بالسجن 34 عاماً بعدما اتهم حصراً بتنظيم مؤامرة إطاحة الرئيس، لا الوقوف وراءها، على اعتبار أن أصابع الاتهام كانت توجه بالأساس إلى رجل الأعمال اللبناني إيلي خليل، فضلاً عن رواج معلومات تفيد بتورط نجل رئيسة وزراء بريطانيا السابقة، مارك تاتشر.
اتهامات لا تزال في شقها المرتبط بخليل عالقة أمام القضاء اللبناني، في ظل رفع الأخير دعوى قدح وذم على كل من مباسوغو ومان، فيما أعاد رئيس غينيا الاستوائية منذ عام 2009 تحريك دعواه على خليل في لبنان بعد محاولات سابقة، أبرزها كان في عام 2005 قبل أن يصدر القضاء اللبناني في حينه قراراً بحفظ الشكوى لعدم كفاية الدليل.
وفيما تتهم السلطات في غينيا الاستوائية خليل بأنه كان المموّل الرئيسي للمحاولة الانقلابية عبر تقديمه الأموال لمان بهدف مساعدة صديقه المعارض سيفيرو موتو، في مقابل حصول خليل على امتيازات نفطية عند تسلّم موتو السلطة، ينفي أحد المقربين من رجل الأعمال اللبناني الأصل أي تورط للأخير في القضية. ويشير إلى أن رجل الأعمال اللبناني عرّف مان، الذي كان يتولى توفير الحماية لمنشآت خليل النفطية في أفريقيا، بموتو بعدما طلب الأخير مجموعة من الحراس الشخصيين، تتولى تأمين وصوله إلى داخل غينيا الاستوائية فقط.
ويرى المصدر أن ثمن حصول مان على عفو رئاسي مفاجئ في العام الماضي كان الشهادة ضد خليل، في تطابق مع حديث مصادر دبلوماسية العام الماضي عن نجاح مان، الذي أكد بعد إطلاق سراحه أنه كان يعامل «كضيف لا كسجين»، في عقد صفقة سرية مع رئيس غينيا الاستوائية، في مقابل توريط آخرين من بينهم خليل وتاتشر.
(الأخبار)