معركة الرعاية الصحيّة والإنفاق بدأت في واشنطنديما شريف
يغادر الرئيس الأميركي باراك أوباما اليوم إلى آسيا، حيث سيجول على الهند وأندونيسيا واليابان وكوريا الجنوبية في عشرة أيام، يحضر خلالها قمّتين للدول العشرين ومنتدى تعاون دول آسيا والهادئ (APEC). وهي رحلة أجّلت أكثر من مرة بسبب العمل من أجل إقرار قانون الرعاية الصحية وبعد ذلك التسرب النفطي في خليج المكسيك، وأخيراً التحضير للانتخابات النصفية.
وأول أمر سيفعله بعد عودته هو لقاء مع قادة الكونغرس الجدد، في البيت الأبيض في 18 الشهر الجاري للتباحث والتشاور والتقاط صورة تذكارية يُطمأَن بعدها الناس إلى أنّ كلّ شيء على ما يرام بين الخصمين، الجمهوري والديموقراطي. فالمعركة ستكون محتدمة بين الطرفين في السنتين المقبلتين ويجب محاولة احتواء الأمور منذ اليوم الأول، ولهذا سيكون حاضراً في الاجتماع الرئيس المرتقب لمجلس النواب جون باينر، وزعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، إلى جانب نانسي بيلوسي وهاري ريد من الجانب الديموقراطي.
فالجمهوريون، وبعد ساعات على صدور النتائج، بدأوا هجومهم على «إنجازات» أوباما التي يبدو أنّها في موقع خطر مع سيطرتهم على مجلس النواب، ما يمكّنهم من تمرير أي قانون يريدون. وأول ما سيحاول «الفيلة» (شعار الجمهوريين) التخلص منه هو قانون الرعاية الصحية الذي أقرّ بداية العام الجاري. ولم ينتظر باينر طويلاً، إذ أعلن الأربعاء، بعد عودته مظفراً إلى الكونغرس، أنّ «الشعب الأميركي لديه مخاوف من سيطرة الحكومة على الرعاية الصحية، واعتقد أنّ من المهم لنا أن نضع الأسس الضرورية كي نبدأ إجراءات إبطال هذا الأمر الرهيب». وأضاف إنّ الجمهوريين سيخفضون الإنفاق دون أن يحدد القطاع المستهدف بالخفض. كما أعلن هؤلاء تهيئة خطة لإعادة العمل بالخفوضات الضريبية التي أقرّها الرئيس السابق جورج بوش الابن التي تطال الأغنياء والطبقة الوسطى. كلّ هذا ينبئ بمعارك شرسة حين تبدأ الدورة المقبلة للكونغرس في كانون الثاني المقبل.
ولم تقلق التصريحات الجمهورية بشأن الإنفاق والضرائب الديموقراطيين فقط، بل أثارت قلق شركاء أميركا التجاريين، خوفاً من أن يتمخض التغيير السياسي «الجذري» في واشنطن عن تحديات جديدة للاقتصاد العالمي. وقال بارت فان آرك، كبير الاقتصاديين فى مؤسسة «كونفيرانس بورد» التي تقيس المؤشرات الاقتصادية الأميركية، «باقي العالم يتابعون الولايات المتحدة ولا يرون إجراءات سياسية حقيقية فعالة لإعادة الاقتصاد مرة أخرى ووضعه على المسار الصحيح. هذا يفقد واشنطن شرعيتها في المجتمع الاقتصادي العالمي كرائدة قادرة على طرح الحلول».
وتقول صحيفة «نيويورك تايمز» إنّ إبقاء الضرائب على مستوياتها المنخفضة حالياً قد يساعد على رفع إنفاق المستهلكين في الولايات المتحدة، فيما خفض قيمة الدولار يجعل الصادرات الأميركية أكثر تنافسية. لكن المحللين يقولون إن هاتين المسألتين قد تكونان مؤقتتين وإنّهما لن تؤثرا على الأرجح كثيراً على وضع الاقتصاد الأميركي الضعيف. وترى الصحيفة خطر أن يقع الكونغرس في مأزق وطريق مسدود، وأن توكل مهمة دعم الاقتصاد الأميركي ومساعدته على التعافي بالكامل إلى البنك المركزي الأميركي «الاحتياطي الفدرالي».
ولتحقيق أجندتهم، سيعتمد الجمهوريون على الناجحين من «حزب الشاي»، إذا لم تتطور الخلافات بين الطرفين وتحصل القطيعة. إذ إنّ العديد من «شاربي الشاي»، ومنهم فائزون إلى الكونغرس مثل السيناتور راند بول، يرون أنّ الجمهوريين يشبهون الديموقراطيين في إنفاقهم وليسوا أفضل منهم في قضايا حكومية كثيرة، ما قد يعرقل التعاون بينهما. ويبدو أنّ المنافسة على المناصب الهامة بدأت بين الطرفين، إذ أعربت النائبة ميشال باكمان، التي أسست أول تجمع لـ«حزب الشاي» في مجلس النواب العام الماضي عن رغبتها في الترشح إلى منصب «رئيس المؤتمر الجمهوري» في المجلس، وهو منصب قرر الجمهوريون مسبقاً منحه إلى نائب آخر، يضمنون ولاءه، كونه سيكون رابع أهم جمهوري في الكونغرس، ما يبشّر بمعركة.
الوضع مشابه في الجانب الديموقراطي، حيث لم يعرف بعد ما إذا كانت رئيسة المجلس السابقة نانسي بيلوسي تريد أن تكون زعيمة الأقلية، فيما يرغب العديد من النواب في أن يبقى النائب ستاني هوير زعيمهم.
ولم تنته متاعب الديموقراطيين مع خسارتهم، إذ يلوم المحازبون البيت الأبيض ومستشاري أوباما تحديداً على الهزيمة. لوم وجد صداه في مجلة «فورين بوليسي»، إذ دعا مخرج الأفلام الوثائقية تشارلز فيرغيسون من على صفحاتها إلى طرد كلّ الفريق الاقتصادي لأوباما، والبدء من جديد بذهنية جديدة.