من نافلة القول: إن القوّة تحقق ذاتها، وتفعل فعلها في المتون فحسب. لما يبدو لنا ظاهراً ظلالاً قابعة وراءه، لا يكتمل وجوده بدونها. لعلّ أهم ما يتيحه الظهور هو استشفاف ذلك الحيّز المعتم الذي بقي منه. إن المخبوء الذي لا يلتفت إليه أحد، فوجب التنقيب عنه والحفر عميقاً حتى يبان وينكشف. يُصاب المرء بالتشويش أحياناً عندما يتلاشى ما هو ظاهر وتنتصر عليه ظلاله. يطوف المخبوء عندها ويخرج من قوقعته، ويفهمنا، بالإشارة والتلميح، أن السلطة تمارس قوتها في الخفيّ، بشكلٍ مضمر، حتى تكاد تفقد المرئي بريقه. لأن الدهشة وجب تفعيلها دوماً، ووجبت استعادتها في حال سُلبت، نجد في هذا العدد من «سلطات خفية» ما يشير إلى العقدة المعقودة، فهو يلاحق أثر السلطات التي تعمل بخفاء ولو كشفت عن نفسها تارةً، كما أنه يعيد ترميم الصدمة والدهشة بعد أن أخذتها الرتابة في جعلها الأمور بديهية ومألوفة.
غلاف إنما مع المقدّمة تصميم: فرانسوا الدويهي