لا تُفشي تنكة الـ«سفن آب» في سلسة صور زياد الحاج الكثير عن نفسها. التنكة عنده بكماء لا تحدث طقطقة؛ فلا هي مُلقاة على الطريق لنستنتج أن شاحنة مسرعة دهستها، وليس هناك كف يد تحيلنا إلى أنها انعصرت من شدة القبض عليها. سبب اعوجاج التنكة غائب، ولولا فتحتُها من فوق، لقلنا إنها خُلقَت مشوّهة. ينأى الضوء بدوره أيضاً عن التورّط في الصورة وعن الكشف عن مآل موضوعها. تكتفي الصورة بالصمت، وتكفينا ألوانها. عدا الخراب الذي أصاب التنكة، هناك الأخضر الناصع الذي يشي برغبة العيش والأمل، منكبٌّ على خلفية سوداء تتفاخر بقتامته ورقة النعوة. من هذا التناقض الصارخ، تبدو تنكة الـ«سفن آب» كأنها مجرّدة من طابعها كسلعة جماهيرية ومدفوعة باتجاه آخر يميل نحو الإنساني المتصدّع. التنكة بكماء، لكن إن نطقت لقالت: «أنا واحدة منكم». هي تنكة واحدة مُعاد تصويرها مراراً، من قال إن الواحد لا يتكرّر؟ نحن لم نقل هذا، ثم هل يحدث شيء آخر غير المعاودة؟لا يبلغ التكرار في هذه السلسلة مقصده في تصوير فظاعة التهشيم فحسب، بل في تمثيل التوالد الدائم من رحم الواحد للحالة الواحدة. التكرار هو التكرار: المدّ الطويل للكارثة، سطوة الحرب، والوعد الدائم بإعادة إعمار (البلد) كذلك. الناظر إلى مجموعة زياد الحاج «إعادة إعمار» هو الشاهد على أن الهيكل مشروط بنزعة الهدم. وما تنكة الـ«سفن آب» إلا إثبات لهذا الأثر قبل امّحائه.
(نص: بول مخلوف)

(زياد الحاج)


(زياد الحاج)


(زياد الحاج)


(زياد الحاج)


(زياد الحاج)