
حتى الآن، ما زالت حركة الدولار تتجاوز بسرعتها التضخّم. ورغم أن الدولار يتحرّك صعوداً في فترات معينة ثم يعود إلى الاستقرار، إلا أن هذا الأمر يحصل في فترات زمنية متقاربة ما يجعل سرعة الدولار أكبر بكل ما يتضمنه الأمر من مخاطر على القدرات الشرائية والأوضاع الاجتماعية للأسر المقيمة في لبنان. موجات التضخّم تحاول دائماً أن تلحق بموجات ارتفاع سعر الصرف من دون أن تتساوى معه، وترافق ذلك في السنتين الماضيتين مع رفع الدعم عن السلع خلال ما عزّز هذه الموجات.
هذا التسارع في معدل التضخّم يمكن أن يُلاحظ من خلال احتساب معدّل التضخّم الشهري، أي نسبة ارتفاع الأسعار قياساً على الشهر الذي سبقه بدلاً من احتساب معدّل التضخّم نسبة إلى نفس الشهر في السنة السابقة. صحيح أن قياس الأسعار في شهر ما مع الشهر الذي يسبقه يعكس بعض الفروقات التي قد تنجم عن أسعار وخدمات موسمية، إلا أن هذا الأمر قد يصلح فقط لقياس معدل التضخّم الآني، ولا يعكس بالضرورة وقائع ما يحصل ضمن الفترات الأطول زمنياً.
التسارع في التضخّم المُقاس على أساس الأسعار المسجّلة في شهر ما، مقارنة مع الشهر الذي سبقه، يُظهر مستوى الصدمة التي يتلقّاها المستهلك. وبلغ أعلى معدّل تضخّم على هذا الأساس، منذ بداية الأزمة، نحو 24% في تموز 2021. وأعلى بند سجّل تضخّماً في ذلك الشهر هو بند أسعار الصحّة التي زادت بنسبة 139% في شهر واحد. وفي الشهر نفسه، ارتفعت أيضاً كلفة النقل بنسبة 24.5% تزامناً مع رفع مصرف لبنان جزءاً كبيراً من الدعم عن المحروقات.
منذ تشرين الأوّل 2019، بلغ معدّل الارتفاع الشهري في الأسعار نحو 8%، وهو ما يشير إلى أن التسارع في التضخّم كان كبيراً على مدى ثلاث سنوات. ومع ذلك لم يتوزّع هذا الارتفاع بشكل متساوٍ على الأشهر بل كان معدل التضخّم الشهري قياساً على الشهر الذي سبق، يصل أحياناً إلى أكثر من 15%، وينخفض في أشهر أخرى إلى ما دون 5%.