وزّعت شركة «غاردتايم» الأوروبية - وهي تعمل في مجال التكنولوجيا - نتائج بحث أجرته في 10 بلدان في أوروبا وآسيا بالإضافة إلى الولايات المتحدة والإمارات حول استعمال العملات الرقمية التي ستُصدرها الحكومات والمصارف المركزية، وخلصت إلى الآتي: 64% من الراشدين لن يكون لديهم مانع في استعمال هذه العملات الرقمية إذا وُجدت.
هايو دي ريجر ــ هولندا

كذلك، تشير نتائج البحث إلى أن ثلث الراشدين على استعداد أن يحولوا مدّخراتهم إلى العملة الرقمية الخاصّة بمصرفهم المركزي خلال شهر، وأن 26% آخرين مستعدون للقيام بهذا الأمر خلال ستة أشهر. وفي المقابل فقط 10% من الراشدين يقولون إنهم لن يحولوا مدّخراتهم إلى هذه العملات أبداً. كما أن 30% من الأشخاص يقبلون بأن يتم تحويل أجورهم إلى هذه العملات الرقمية خلال شهر، و27% آخرون يقبلون بذلك خلال ستة أشهر، و12% فقط لن يقبلوا بهذا التحويل  أبداً.

86%


هي نسبة المصارف المركزية التي تبحث في احتمال إطلاق عملات رقمية خاصّة بها
60%
هي نسبة المصارف المركزية التي بدأت بتجربة التكنولوجيا الخاصّة بالعملات الرقمية
14%
هي نسبة المصارف التي بدأت مشاريع تجريبية لعملات مشفّرة


في الواقع، تقول «غاردتايم» إن العديد من الدول الأوروبية تعمل على إطلاق عملات رقمية خاصّة بها، لا بل إن «هذه العملات أصبحت أقرب إلى إطلاقها من أيّ وقت مضى، لأن أزمة فيروس كورونا ساعدت في زيادة رقمنة جميع جوانب المجتمع، وقد يكون إطلاق أول عملة رقمية رئيسية في غضون ثلاث سنوات». بمعنى آخر، قد يكون الهدف من هذا البحث الترويج لهذه العملات المنوي إطلاقها. فالدراسة لا تحدّد إذا ما كان الأشخاص الذين أجابوا على أسئلتها، يعلمون ما هي طبيعة العملات الرقمية التي تنوي أن تُصدرها المصارف المركزية، وما الفرق بينها وبين العملات المشفّرة الرائجة في الأسواق الدولية حالياً. فمن المهم أن يكون لهؤلاء اطّلاع كافٍ على هذا الاختلاف لكي تكون أجوبتهم ذات دلالة حقيقية. ومن المهم أيضاً، أن يكون هؤلاء على دراية بأن العملات الرقمية التي تنوي أن تُصدرها المصارف المركزية تختلف جوهرياً عن العملات المشفّرة، مثل الـ«بيتكوين» وغيرها من العملات المتداولة الآن في الأسواق. صحيح أن عملات المصارف المركزية يفترض أن تعمل وفق النظام نفسه الذي نشأت عليه العملات المشفّرة، أي نظام الـ«بلوكتشاين»، لكنّ هناك اختلافات متعدّدة بين هذين النوعين من العملات. 
فعلى سبيل المثال، فإن العملات الرقمية الخاصّة بالمصارف المركزية ستعمل وفق نظام «بلوكتشاين» خاص غير متاحة رؤيته للعموم، أي أنه لا يمكن لأيٍّ كان أن يحصل على إذن دخول إليه. وهو عكس ما تقوم عليه العملات المشفّرة الموجودة تماماً، حيث يمكن لأي شخص الولوج إلى «السلسلة». ومن ناحية أخرى تعتمد العملات المشفّرة على عدم الكشف عن هوية المستخدمين، وهو أمر لا يمكن أن تسمح به المصارف المركزية لأن أيّ مستخدم يجب أن يكون متصلاً بحساب مصرفي معروف من يملكه وبالتالي ستكون هوية المستخدم مكشوفة تماماً.

العملات الرقمية التي تنوي المصارف المركزية إصدارها مختلفة جوهرياً عن العملات المشفّرة مثل «بيتكوين» وغيرها

كذلك هناك فرق أساسي يكمن في اعتماد العملات المشفّرة على اللامركزية، وهو أمر لن يكون متوافراً في حالة العملات الرقمية الخاصّة بالمصارف المركزية. اللامركزية في هذه الحالة تعني أن عملية إصدار العملة أو تسجيل المعاملات التي تحدث فيها لا تحصل في مكان واحد، بل هي تُسجّل من قبل أسرع جهاز «تعدين» يقوم بتسجيل المعاملة على الـ«بلوكتشاين» المتاحة في العلن. ففي حالة العملة الرقمية تقع مسؤولية تسجيل العمليات على عاتق المصرف المركزي فقط. 
هذه الاختلافات تمسّ بالقواعد الأساسية التي تقوم عليها العملات المشفّرة. وهي بشكل عام تهدف إلى أن يتم التخلّي عن الطرف الوسيط، أي المصارف التجارية وحتى المصرف المركزي، في العمليات المالية. فإن كل الخصائص التي تقوم عليها العملات الرقمية التي تنوي أن تُصدرها المصارف المركزية تنسف هذا الهدف. 



التلاعب بالعملات المشفّرة: ماسك نموذجاً؟
يوم الأربعاء الماضي شارك إيلون ماسك، مالك شركة «تيسلا»، وجاك دورسي، المدير التنفيذي لموقع تويتر، في لقاء افتراضي بينهما عن العملات المشفّرة. قال ماسك إن «تيسلا» ليست الوحيدة بين شركاته التي تملك الـ«بيتكوين»، بل هي تملك ما قيمته 1.5 مليار دولار من هذه العملة المشفّرة، بالإضافة إلى أن شركة Space-X المملوكة منه أيضاً تحتفظ بكميات من هذه العملة. كذلك قال إنه يملك شخصياً «بيتكوين» وعملات مشفّرة أخرى مثل «إثيريوم» و«دوجكوين». أدّى هذا التصريح إلى ارتفاع أسعار هذه العملات يوم الأربعاء الماضي، متأثّرة بشكل واضح ومباشر بكلامه. وهذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها ماسك عن عملة معينة بهدف التأثير في سعرها. فعلها سابقاً مع «بيتكوين» مرتين، ومع «دوجكوين» أيضاً. هذا الأمر يبيّن إحدى أهم نقاط الضعف الخاصّة بالعملات المشفّرة. وهي أن لا قوانين وأنظمة تحكم سوق هذه العملات، وتمنع التلاعب أو حتى تحدّد ما قد يندرج تحت عنوان التلاعب. فقد قام شخص واحد، مرات عدّة، بالتأثير على سعر بعض العملات من خلال حديثه فقط، من دون أن يسأل حول قانونية هذا الموضوع، أو إذا كان يستغلّه بالفعل لتحصيل أرباح خاصّة.