ترزح 62 دولة مصنّفة من الدخل المتوسط والمنخفض تحت أعباء دين سيادي بقيمة نحو 691 مليار دولار. تمثّل هذه الديون 33% من مجمل ديون هذه الدول البالغة 2.1 تريليون دولار. ويقدّر إجمالي خدمة الدين لهذه السندات بين عامَي 2021 و2025 بما يقارب 330 مليار دولار. أعدّت الشبكة الأوروبية للديون والتنمية تقريراً بعنوان «نم الآن في النار: السندات السيادية وأزمة ديون كوفيد-19». يشير التقرير إلى أن 33% من ديون 62 مصنفة ذات دخل متوسط ودخل منخفض، هي ديون سيادية (المقصود بالدين السيادي المقترض عبر إصدار سندات دين حكومية وليس ذلك الدين الذي حصلت عليه من خلال اتفاقات أو برامج تمويل مع دول أو منظمات ومؤسسات دولية). الحصّة الأكبر من هذه الديون تعود لدول أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي بقيمة إجمالية تبلغ 245 مليار دولار، وهو ما يشير إلى حجم الأزمة المرتقبة للدين في هذه المنطقة من العالم. وتليها دول أوروبية وآسيوية تقع ضمن تصنيف الدخل نفسه أصدرت سندات سيادية بقيمة إجمالية تبلغ 176 مليار دولار، ودول في آسيا الشرقية والمحيط الهادئ أصدرت سندات بقيمة 110 مليارات دولار.
وبحسب التقرير، يمكن التعرّف إلى جزء من حاملي هذه السندات، لكنّ الجزء الأكبر غير محدّد. 31% أو 169 مليار دولار من السندات معروف من يحملها، من بينها 113 مليار دولار محمولة من أكبر 25 صندوقاً مستثمراً في السندات السيادية. 17 صندوق من أصل 25 صندوقاً هي أميركية وتحمل 111 مليار دولار من هذه السندات. بمعنى آخر، الصناديق الأميركية تتحكّم بمعظم الدين السيادي حول العالم.

أنقر على الرسم البياني لتكبيره

تنتقد الشبكة المبادرات الرامية إلى تعليق خدمة الديون، مثل مبادرة دول G20، باعتبار أن التعليق لا يشمل الديون المحمولة من القطاع الخاص. لذا، فإن هذه المبادرات، برأي الشبكة، تتيح لدائني القطاع الخاص الاحتفاظ بأرباحهم والاستفادة من مخاطر الاستثمار بهذه الديون، رغم أنهم «لا يوافقون على الاعتراف بالخسارة عندما تحصل». بمعنى آخر، إن استثمار دائني القطاع الخاص في سندات الدين، يأتي مع معرفتهم بالمخاطر المترتبة على هذا الاستثمار، وهم بالفعل يأخذون لقاء هذه المخاطر فوائد عالية. كلما ارتفعت هذه المخاطر ارتفعت الفوائد المترتبة على الدين. لذا، من غير العادل ألا يتحمّل هؤلاء الخسائر عندما تحدث، وهم يتلقّون فوائد أعلى مقابل مخاطر حدوث هذه الخسائر.
ويشير التقرير إلى أن السندات التي تحملها الصناديق الاستثمارية، التي يمكن أن تشملها مبادرة G20 لتعليق خدمة الدين، تشكّل جزءاً صغيراً جداً من الأصول التي تديرها، ما يعني أن إلغاء هذه الديون لا يكبّدها خسائر كبيرة نسبةً إلى ما تملكه من أصول. فعلى سبيل المثال، إن صندوق Black Rock الاستثماري يدير أصولاً بقيمة 8.6 تريليون دولار، ويملك 2 مليار من سندات الدين التي يمكن أن تشملها مبادرة G20، وهو ما يمثّل 0.02% من إجمالي الأصول التي يديرها.
في الخلاصة تقترح الشبكة تنظيم موضوع السندات السيادية من أجل تسهيل إجراءات التوقف عن الدفع عبر الآتي:
- سجل عام لبيانات الديون: يشكل حاجة إلى إنشائه كسجل دائم للديون وبياناتها. فيجب أن تكون المعلومات حول السندات السيادية متاحة للعموم، ويجب أن تشمل هذه المعلومات الخصائص الرئيسية لكل سند بالإضافة إلى النشرة الأصلية للإصدار (prospectus).
- آلية لتسوية الديون: يجب إحراز التقدّم نحو إنشاء إطار دائم متعدد الأطراف تحت رعاية الأمم المتحدة لإعادة هيكلة الديون السيادية بشكل منهجي وعادل، في آلية تشمل كل الدائنين.
- التنظيم المالي: إن الافتقار القائم للشفافية في أسواق السندات السيادية، يستدعي وجود قوانين للإفصاح عن العقود والممتلكات. في ما يتعلّق بالعقود، يجب أن تستهدف القوانين المصارف التي تقوم بإصدار السندات، نيابة عن الدول، بحيث عليها أن تجمع المعلومات المتعلّقة بالعقود وأن تجعلها متاحة بشكل علني. وفيما يتعلق بالمالكين، يجب وضع قوانين تتطلب من المصارف التجارية والاستثمارية، وكذلك صناديق التحوط، الإفصاح عن ممتلكاتها من السندات السيادية للسلطات الوطنية.
- شمول دائني القطاع الخاص في المبادرات: يجب على الأمم المتحدة ومجموعة G20 إرسال إشارة واضحة إلى الدائنين من القطاع الخاص، بشأن عزمهم على دعم وحماية الدول المدينة التي تقرر تعليق المدفوعات وإعادة هيكلة الديون، وذلك من أجل حماية حقوق واحتياجات السكان. وهذا يشمل اتخاذ إجراءات في الولايات القضائية الرئيسية، ولا سيما في المملكة المتحدة ونيويورك، لإدخال تشريعات لمنع الدائنين من مقاضاة الحكومات بسبب تعليق مدفوعات الديون على السندات السيادية القائمة.


اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا

تابع «رأس المال» على إنستاغرام