يزداد الاعتماد أكثر فأكثر على مصادر بديلة للطاقة التقليدية الحرارية (النفط والغاز). فالكهرباء صارت تُنتَج بواسطة الطاقة الشمسية، وإنتاج السيارات يعتمد بوتيرة متسارعة على السيارات الكهربائية والهجينة. هذا النوع من المصادر يقوم على عنصر أساسي يتعلق بتخزين الطاقة المنتجة من الشمس أو من الرياح. بطاريات الليثيوم أصبحت العامل الأساسي في هذا التحوّل، فكما أن الطاقة الشمسيّة بحاجة إلى هذه البطاريات للاحتفاظ بالكهرباء كذلك هو الحال بالنسبة إلى السيارات الكهربائية التي تعتمد على هذه البطاريات للتشغيل.

وقد ارتفع سعر الطن الواحد من كاربونات الليثيوم من 7 آلاف دولار في أول عام 2021 إلى نحو 13 ألف دولار في آخر آذار الماضي. ويعود هذا الارتفاع في السعر إلى الطلب المتزايد على هذه المادة، ولا سيما من الصين التي تحتلّ المركز الأول في تصنيع السيارات الكهربائية عالمياً.
في عام 2020 صنّعت الصين نحو 1.2 مليون سيارة كهربائية، ما يظهر أهمية مادّة الليثيوم لهذا البلد الذي يتطلع إلى توسيع سوق السيارات الكهربائية. فقد شهدت السنوات الأخيرة استثمارات صينية مهمّة في مجال مصادر الليثيوم ولا سيما في تشيلي، حيث استثمرت شركة Tianqiu Lithium الصينية 4 مليارات دولار في أسهم شركة SQL التشيلية - وهي من أكبر الشركات المنتجة لليثيوم في تشيلي.
يشكّل التمدّد الصيني في مجال سلاسل توريد الليثيوم تهديداً لأميركا

كما أن الشركة الصينية، تملك 51% من أكبر حقل الليثيوم في أستراليا. كذلك وقّعت شركة Yibin Tianyi الصينية اتفاقاً مع شركة Pilnara Mineral الأسترالية، يقضي بشراء الشركة الصينيّة 40 ألف طن من الليثيوم في صفقة تبلغ قيمتها 15 مليون دولار مدفوعة مسبقاً. وستستعمل الشركة الأستراليّة هذه الأموال لتوسيع عملياتها. رغم أن قيمة هذه الصفقة ليست كبيرة نسبة إلى الاستثمارات الصينية السابقة، إلا أن لها دلالات مهمة. فبعد توتّر العلاقات بين الصين وأستراليا في عام 2020، على خلفيّة مطالبة أستراليا بتحقيق دولي في ما يخصّ فيروس كوفيد-19، الذي اعتبرته الصين اتهاماً لها ويخدم الضغط لعزلها عن العالم، يأتي هذا الاتفاق كدلالة على انفراج في العلاقة التي تدهورت إلى حد الحرب التجارية بين البلدين. من جهة ثانية، يشير هذا الأمر إلى مدى أهميّة مجال الليثيوم بالنسبة إلى الصين، التي تطمح للاستحواذ على حصّة سوقية أكبر في مجال الطاقة المتجددة أو السيارات الكهربائية.


يشكّل هذا التمدد الصيني في مجال سلاسل توريد الليثيوم تهديداً لأميركا، وهذا يعود إلى المنافسة المباشرة بين البلدين في تصنيع السيارات الكهربائية. ففي تصريح سابق لوزارة الخارجية الأميركية، في ما يتعلّق بـ«مبادرة إدارة موارد الطاقة» التي أطلقتها الولايات المتحدة، ورد الآتي: «بلد واحد يتحكّم في أكثر من 80% من سلسلة التوريد العالمية للمعادن النادرة والمهمة لصناعة السيارات الكهربائية ومكوّنات توربينات الرياح». هنا الكلام عن الصين. يُظهر هذا التصريح مدى انزعاج الجانب الأميركي من تمدد الصين في هذه المجالات، نظراً إلى معرفة بكين بأهميتها للأجيال المقبلة، وفي تكنولوجيا السيارات الكهربائية على وجه الخصوص. فكل التوقعات تشير إلى أن هذا النوع من السيارات سيستحوذ على غالبية سوق السيارات العالمية.
وتظهر الأرقام أن الصين تتصدّر إنتاج السيارات الكهربائية عالمياً بفارق كبير عن ألمانيا وأميركا. ففيما صنّعت الصين عام 2020 نحو 1.2 مليون سيارة، بلغ حجم الإنتاج في ألمانيا 395 ألف سيارة وفي أميركا 328 ألف سيارة (هذه الأرقام لا تشمل السيارات التجارية، أي السيارات المستخدمة لنقل البضائع أو الأشخاص) على التوالي.



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا

تابع «رأس المال» على إنستاغرام