يتوقّع البنك الدولي أن يسجّل تضخّم الأسعار في لبنان 80% في عام 2021 مقارنة مع 84.3% في عام 2020. لم يحدّد البنك المصدر المحفّز لهذا التضخّم، لكنّ التماثل في المعدلات بين عامَي 2020 و2021 يأتي من دون تعديلات على المسار السابق لتطوّر الأسعار، ما يشي بأن التضخّم سيبقى محفّزاً بارتفاع سعر صرف الدولار وبقاء الدعم ولو جزئياً. بهذا المعنى، إن توقعات البنك الدولي مبنية على تدهور إضافي في قيمة الليرة تجاه الدولار بمستوى مماثل للتدهور المسجّل في عام 2020. إذا صحّ الأمر، سنشهد ارتفاعاً في سعر الصرف وجولات متتالية من ارتفاع أسعار السلع والخدمات؛ سعر الصرف يشعل تضخّم الأسعار، وهذا الأخير سيحفّز ارتفاع سعر الصرف. كلاهما سيتغذّى على الآخر، ما يهدّد بحصول تضخّم مفرط.

تشير توقعات البنك الدولي، إلى أن تصنيف لبنان الاقتصادي سينخفض من «الفئة العليا للدخل المتوسط»، إلى «الفئة الدنيا للدخل المتوسط». السبب مرتبط بانخفاض معدل الدخل القومي للفرد الواحد إلى ما دون 4 آلاف دولار. وبذلك يصبح لبنان، دولة فقيرة.
إذاً، توقعات البنك الدولي مبنية على المسار القائم للأزمة الذي ظهرت بعض مؤشراته في الفصل الأول من عام 2021. ففي ظل هذا المسار، ارتفع سعر صرف الدولار في عام 2020 من 2100 ليرة إلى 8300 ليرة، ثم بلغ في نهاية آذار 12000 ليرة، علماً بأنه على مدى بضعة أيام من شهر آذار كان سعر الصرف يوازي 15000 ليرة. أما تضخّم الأسعار في نهاية آذار 2021، فقد سجّل ارتفاعاً بنسبة 154% مقارنة مع آذار 2020. وبحسب الإحصاء المركزي، فإن السلع الأكثر تأثراً بارتفاع الأسعار في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021 جاءت نتائجها على النحو الآتي:
- الأثاث والتجهيزات والصيانة المنزلية تضخّمت أسعارها بنسبة 643%.
- المطاعم والفنادق ازدادت أسعارها بنسبة 647%.
- المواد الغذائية سجّلت ارتفاعاً في الأسعار بنسبة 400%.
- الألبسة والأحذية ازدادت بنسبة 585%.
أكبر معدلات التضخّم أصابت الحاجات الأساسية مثل السكن والملابس والغذاء. كذلك، شهد قطاع النقل ارتفاعاً ملحوظاً في معدّل التضخّم الذي سجّل زيادة بنسبة 233%، علماً بأن كلفة المحروقات المستخدمة في تشغيل وسائل النقل لا تزال مدعومة على سعر صرف يوازي 1520 ليرة للدولار، لكن حصّة كلفة الصيانة للآليات السيّارة أصبحت أكبر بكثير، بينما لعب ارتفاع أسعار المحروقات عالمياً دوراً مهماً.
هكذا يظهر أنه بالنسبة إلى البنك الدولي هناك احتمال كبير في المزيد من تدهور قيمة الليرة، ولا سيما في ظل استمرار المسار السابق القائم على تعدديّة أسعار الصرف وإطفاء الخسائر في النظام المالي عبر طباعة المزيد من النقود. حتى الآن، هناك سعر صرف بقيمة 1507.5 ليرات وسطياً وبقيمة 3900 ليرة أيضاً للسلع المدعومة (غذاء، محروقات، دواء، مستلزمات طبية، بعض مدفوعات الدولة الخارجية...)، وهناك سعر صرف حرّ للسلع غير المدعومة يبلغ حالياً 12000 ليرة لكل دولار. ما بين هذه الأسعار، هناك هامش كبير من المضاربة يفتح الباب أمام التوقّعات السلبية، إلى جانب هامش أكبر من انعدام اليقين السياسي في تشكيل حكومة للاتفاق على آلية معالجة تحديد الخسائر في النظام المصرفي وتوزيعها.
هناك سيناريو أكثر تشاؤماً لم يعرضه البنك الدولي في توقعاته، وهو يتعلق برفع الدعم بشكل نهائي. ففي حال حصل هذا الأمر، قد تصبح توقعات البنك الدولي لتضخم الأسعار في عام 2021 متحفّظة جداً. قد يسجّل التضخّم ارتفاعاً أكبر في الأسعار من التوقعات، لأن رفع الدعم نهائياً سينعكس ارتفاعاً في سعر الدولار وبالتالي في تمويل السلع المستوردة.



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا

تابع «رأس المال» على إنستاغرام