الارتفاع المفاجئ لدرجات الحرارة في الساعات الماضية حبس أنفاس اللبنانيين في مواجهة مخاطر الإصابة بمشكلات الإجهاد الحراري وضربة الشمس وبكتيريا السالمونيلا التي تشمل أعراضها بصورة خاصة الإسهال والحمى والتقيؤ وتقلصات المعدة. فموجة الحر الاستثنائية المترافقة مع الرطوبة العالية تجعل تنظيم درجة حرارة الجسم أمراً صعباً، هذا ما تقوله جورجينا بطرس، الممرضة المتخصصة في الصحة المجتمعية والعائلية في الجامعة اليسوعية.

التعامل مع الحرارة يقتضي، بحسب بطرس، الإكثار من شرب الماء (ليترين في حد أدنى) والعصائر الطبيعية حتى عند عدم الإحساس بالعطش، تناول الموالح التي تحافظ على الماء في الجسم، زيادة الاعتماد على الخضروات والفاكهة في كل الوجبات الغذائية، الإقلال من تناول السكريات والقهوة والمشروبات الغازية والكحولية والامتناع عن تناول اللحوم والدهون والمقليات، التي تعد من المصادر الغنية بالطاقة وتساعد على إفراز الكثير من العرق ورفع حرارة الجسم.
ومع أنّ للشمس دوراً مهماً في تزويد الجسم بجزء من حاجته من «فيتامين د» وتمنع الكآبة، إلاّ أن بطرس تنصح المارّة في الشارع ورواد البحر خصوصاً بعدم التعرض لها نهائياً بين الثانية عشرة ظهراً والرابعة بعد الظهر، تحسباً لضربة شمس أو حروق في الجلد. والمفارقة ما تقوله لجهة أنّه يمكن الإصابة بضربة الشمس حتى عند الوقوف في مكان ظل، لذا من الضروري الانتباه في حالة الإحساس بالإغماء أو الشعور بالصداع أو هبوط الضغط بتناول بعض الأدوية الخاصة بعلاج ضربة الشمس. عدم النوم تحت الشمس، تغطية الرأس بقبعة واسعة وغسل الوجه بكمادات باردة ووضع النظارات الشمسية والواقي الشمسي ومضاعفة الكمية للأطفال هي أيضاً من الإجراءات الوقائية التي تتحدث عنها بطرس.

إخماد 100 حريق شبت
في مختلف المناطق اللبنانية خلال يوم واحد


ليس هذا فحسب، فرواد البحر مطالبون، بحسب بطرس، بعدم تناول البطاطا المقلية والمايونيز والسلطة الساخنة على الشاطئ، إذ إنّ هذه الأطعمة تجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالسالمونيلا. تركز بطرس على زيادة غسل اليدين، ولا سيما للأطفال، وخصوصاً مع تراجع مستوى النظافة ورائحة الزبالة العابقة في كل مكان، تجنباً لانتشار الأمراض والجراثيم.
إلى ذلك، يصاب الإنسان بمشكلات مرتبطه بالحرارة، تزداد حدتها مع بذل مجهود بدني شاق أو ممارسة الرياضة، باعتبار أن ارتفاع نسبه الرطوبة يؤدي ربما إلى خلل في وظائف «ترموستات الجسم» المسؤول عن تنظيم درجة حرارته.
اللافت أن وزارة الصحة لم تصدر أي تقرير بشأن الحالات الصحية الناتجة من الحرارة المرتفعة أو حتى بيان تحذيري للمواطنين، على غرار ما فعلت وزارات الصحة في البلدان العربية المجاورة على الأقل.
هذا بالنسبة إلى المشكلات الصحية. أما الحرائق، فقد ازدادت بصورة غير مسبوقة، إذ أعلن رئيس العمليات في جهاز الدفاع المدني اللبناني، جورج أبو موسى، إخماد 100 حريق شبت في مختلف المناطق اللبنانية خلال يوم واحد، وخصوصاً في المناطق الحرجية.
ويشرح لـ«الأخبار» المهندس فادي أسمر، الخبير اللبناني في علم النظم الإيكولوجية والغابات، أنّ الحرارة المرتفعة وسرعة الهواء تزيدان الحذر من الحرائق. في هذه الأيام، ينصح أسمر بتجنب إشعال النار في كل الأحوال لكونها تمتد بسرعة قياسية، ويشمل ذلك المخيمات الكشفية وحرق البقايا الزراعية ورمي أعقاب السجائر من السيارة على أطراف الطرق أو عند التنزه في الغابات وفي محيط المناطق الحرجية، واستخدام المفرقعات. يحذر أسمر أيضاً البلديات التي أخذت على عاتقها حرق النفايات من تأثير ذلك على الأحراج المجاورة حتى ولو على بعد 50 متراً.
من جهتها، دعت المديرية العامة للدفاع المدني المواطنين إلى ضرورة التزام الحيطة والحذر، والتقيد بإرشاداتها حول التوعية من مخاطر حرائق الغابات وعدم استعمال الأسهم النارية والمفرقعات، ما قد يسبب خسائر فادحة في الأحراج وأضراراً في الممتلكات.
ونصحت المديرية المتنزهين في الغابات بأن يحفروا حفرة صغيرة بعيدة عن الأعشاب أو الأغصان اليابسة تستعمل لإشعال النار للشيّ وتردم عند الانتهاء بالتراب ويسكب عليها الماء لتبريدها. وأكدت أهمية مراقبة النار باستمرار، وخصوصاً عندما يكون الهواء قوياً، ما يسبب تطاير الشرارات وانتشارها، فضلاً عن إبعاد المواد السريعة الاشتعال عن مكان النار وجمع النفايات بأكياس لوضعها في صناديق القمامة، وخصوصاً الزجاجية.