تواصلت الضربات الجوية على مواقع وقوات الزعيم الليبي معمر القذافي، في الأيام الثلاثة الماضية، بموازاة سيطرة الثوار الليبيين على مدن استراتيجية، من بينها أجدابيا ورأس لانوف وبن جواد والبريقة والعقيلة، في وقت باتت فيه الولايات المتحدة تبحث احتمال مدّهم بالأسلحة. وكانت التطورات الميدانية العنوان الأبرز لأحداث الأيام الماضية؛ فبعد سيطرتهم على البريقة والعقيلة ورأس لانوف وبن جواد وأجدابيا، يتقدم الثوار الليبيون بسرعة في اتجاه سرت، مسقط رأس العقيد القذافي.
وذكر الموقع الإلكتروني لصحيفة «برنيق» الليبية، أنّ الكتائب الأمنية التابعة للقذافي، انسحبت «إلى مواقع دفاعية، ولاذت بالفرار غرباً أمام زحف مسلحي الثوار نحو سرت، وهو ما يشير إلى أن المبادرة على الأرض شرق البلاد تتحول مجدداً لمصلحة الثوار».
ومساءً، كشف مراسل وكالة «رويترز» أن قافلة تضم 20 مركبة عسكرية من بينها شاحنات تحمل مدافع مضادة للطائرات، شوهدت تغادر مسقط رأس القذافي سرت، وتتحرك غرباً نحو العاصمة طرابلس. كما شوهدت عشرات من السيارات المدنية تقل أسراً، ومحمَّلة بالأمتعة تتحرك غرباً على الطريق الساحلي من سرت نحو طرابلس.
وكان أحد المعارضين قد أفاد، في وقت سابق، أن الثوار دخلوا بلدة رأس لانوف المصدِّرة للنفط. ونقل وليد العربي عن المعارضين العائدين من البلدة قولهم «ليس في رأس لانوف جيش للقذافي». وأوضح سكان في مدينة سرت أن قوات التحالف قصفت بعنف هذه المدينة التي بدت أشبه بـ«كتلة نار».
وفي أجدابيا، أدّت المعارك إلى سقوط تسعة قتلى وتسعة جرحى، حسب الثوار، بينما نُقلت جثث 21 من مقاتلي قوات القذافي على الأقل من خارج المدينة، حسبما ذكر مصدر طبي.
من جهة ثانية، أعلن متحدث باسم الثوار الليبيين وطبيب أن مدينة مصراتة (شرقي طرابلس) تعرضت مجدداً «لقصف عنيف» من القوات الموالية للزعيم الليبي، ما أدّى إلى سقوط ثلاثة قتلى على الأقلّ.
وبذلك يرتفع عدد الأشخاص الذين قُتلوا منذ 18 آذار في هجوم القوات الموالية للقذافي على مصراتة، ثالثة كبريات مدن البلاد وأهمّ المدن التي يسيطر عليها الثوار في الغرب الليبي، إلى 117.
سياسياً، نقلت قناة «سكاي نيوز» البريطانية عن مصادر دبلوماسية غربية قولها إن الولايات المتحدة تبحث في شرعية تسليح الثوار الليبيين. كما أكّدت المحطة أنّ واشنطن تبحث الآن عن إطار دولي يسمح بتزويد الثوار بكميات محدودة من الأسلحة، إذا ثبت أنهم بحاجة إليها للدفاع عن أنفسهم.
وفي السياق، كشف السفير الأميركي السابق لدى ليبيا، جين كريتز، أن المجلس الوطني الانتقالي، بدأ بالسعي للحصول على الأسلحة من الولايات المتحدة وغيرها من الدول منذ اليوم الأول لتشكيله. وقال كيرتز، الذي يتابع حالياً الاتصال مع المعارضة إلى جانب مبعوث البيت الأبيض الخاص للعمل مع المجلس الانتقالي، كريستوفر ستيفنز، «لن أخوض في النقاشات الداخلية حول ما إذا كنا سنقدّم السلاح أم لا. لكن بإمكاني القول إن المساعدات التي قد نعرض تقديمها، سواء العسكرية منها أو غير العسكرية، هي مسألة يجري بحثها في الحكومة الأميركية، لكن لم يتخذ أي قرار نهائي بشأنها بعد».
وكان كيرتز قد كشف، يوم الجمعة الماضي، أن نظام العقيد «يتصل بعدد من الوسطاء المحتملين لنقل رسالة ما عبرهم، ولستُ متأكداً شخصياً من فحوى هذه الرسالة، لكن الأمر يشير بوضوح إلى أن النظام في حالة ما من اليأس، ونحن لم ننخرط في هذه النقاشات حتى الآن».
وعن مسألة اعتراف الولايات المتحدة بالمجلس الوطني الانتقالي، قال كيرتز إن الحكومة الأميركية لا تزال تدرس مسألة الاعتراف بسبب قضايا تتعلق بقانونية الخطوة. إلا أنه أكد، في المقابل، دعم واشنطن للمعارضة الليبية، موضحاً أنه قد سُمّي مبعوث خاص. وأعرب عن أمل واشنطن أن يتمكن المسؤول الأممي ستيفنز من الذهاب إلى بنغازي في الأيام القليلة المقبلة، مع تحسن الأوضاع الأمنية.
وكشف السفير الأميركي السابق أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون «رفعت مستوى التمثيل في إطار مباحثاتنا مع المعارضة، لذلك أعتقد، من دون الخوض في مسألة ما إذا كان الاعتراف عاملاً حاسماً الآن أو لا، أننا اتخذنا الخطوات التي تشير الى دعمنا للمعارضة».
في هذا الوقت، كشف البيت الأبيض أن الرئيس باراك أوباما، سيلقي اليوم الاثنين خطاباً في الجامعة الوطنية للدفاع حول ليبيا، حيث «سيقدم إلى الشعب الأميركي أحدث عرض حول الوضع في ليبيا، ونقل العملية إلى قيادة وسيطرة حلف شمالي الأطلسي».
ويتوقع أن يعقد الكونغرس، هذا الأسبوع، فور التئامه بعد انتهاء عطلته، جلسة للتصويت على قرار أوباما شنّ الحرب على ليبيا. من ناحية ثانية، نفى وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس، أن تكون الهجمات الدولية قد أوقعت ضحايا مدنيين، لافتاً إلى أن «لدينا الكثير من المعلومات الاستخبارية عن أخذ القذّافي جثث أشخاص قتلهم ووضعها في مواقع استهدفناها». وشدّد غيتس على أن قوات التحالف «حذرة جداً في عملها العسكري»، مشيداً بالقوات الجوية التابعة للتحالف لأنها «أنجزت عملاً مذهلاً».
بدورها، اعترفت كلينتون بضعف الثوار الليبيين من الناحية العسكرية، من دون أن تنفي واقع أنهم أنجزوا «تقدماً كبيراً على الأرض». وتابعت أن الثوار الليبيين «شجعان جداً، وهم يتقدّمون، وبدأوا يستعيدون أراضي خسروها حين كان القذافي يفتك بهم أثناء زحفه باتجاه بنغازي».
وفي لندن، أعلن متحدّث باسم الحكومة البريطانية أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ورئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، سيشاركان في اجتماع لندن الذي تعقده مجموعة الاتصال السياسية حول العملية العسكرية في ليبيا، غداً الثلاثاء.
من جهة ثانية، قدّم وزير الخارجية الإيطالي، فرانكو فراتيني، عرضاً لحل الأزمة الليبية ينص على تقديم المنفى للعقيد القذافي. وقال فراتيني، لصحيفة «ريبوبليكا» الإيطالية اليسارية، «الآن وقد اعترفت أوروبا بمجملها والأمم المتحدة بأن العقيد ليس محاوراً مقبولاً، لا يمكننا التفكير بحل يتضمن بقاءه في السلطة».
(الأخبار، يو بي آي، أ ف ب، رويترز)