لليوم الثالث على التوالي، تظاهر الآلاف في منطقة درعا السورية، ما أدى الى وقوع اشتباكات مع الشرطة التي عمدت الى تفريقهم بقنابل الغاز والرصاص الحي، ومقتل شخص وجرح نحو مئة آخرين، فيما أصدر الرئيس بشار الأسد قراراً بتقليص فترة الخدمة العسكرية ثلاثة أشهر.وطالب المتظاهرون بإنهاء حالة الطوارئ المستمرة في البلاد منذ 48 عاماً. وقال مصدر حقوقي إن «قوات الأمن أطلقت الرصاص الحي على المتظاهرين الذين فاق عددهم عشرة آلاف شخص». وأشار إلى أن درعا تحولت الى بركان خلال التظاهرة التي نظمت في قلب المدينة القديمة. وأضاف إن الشرطة المركزية وعناصر لا يرتدون الزيّ الموحّد ساعدوا قوات الأمن في قمع المتظاهرين. وقد استقبل مسجد العمري الذي تحوّل الى «مشفى ميداني» الجرحى.
وأكدت مصادر مقتل شخص وجرح أكثر من مئة آخرين. وذكر شهود عيان أن المتظاهرين أضرموا النار في قصر العدل ومقرّ حزب البعث في المدينة. وقال شاهد إن «أصوات الرصاص تسمع في أغلب أحياء المدينة، وإن الاتصالات الهاتفية شبه مقطوعة». وفرضت قوات الأمن طوقاً على المدينة ومنعت دخول المواطنين إليها، بينما لم تتجه أي من حافلات النقل العام الى المدينة.
وفي تشييع اثنين من القتلى الذين سقطوا في أول أيام الاحتجاج، دعا آلاف المشيعين إلى «الثورة»، تزامناً مع وصول لجنة تابعة لوزارة الداخلية كلفت التحقيق بالأحداث التي وقعت في درعا، وأدّت الى مقتل 4 أشخاص.
وكان مسؤولون سوريون قد التقوا بشخصيات بارزة في درعا، قدّمت بعد ذلك قائمة بالمطالب، أهمها الإفراج عن السجناء السياسيين وتفكيك مقرّ الشرطة السرّية، وعزل المحافظ وإجراء محاكمة علنيّة للمسؤولين عن القتل وإلغاء اللوائح التي تتطلب الحصول على تصريح من الشرطة السرّية لبيع أو شراء ممتلكات.
وعلى أثرها، قررت لجنة التحقيق الإفراج عن مجموعة من الشباب الذين اعتقلوا على خلفية التظاهرات. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» عن مصدر مسؤول «إذا لم يثبت التحقيق إدانة مجموعة من الشبان، فسيطلق سراحهم فوراً».
بدوره، أكد رئيس الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الإنسان عبد الكريم ريحاوي أن «لجنة التحقيق التي بدأت أعمالها صباح الأحد (أمس) قررت الإفراج عن معظم الموقوفين المتظاهرين على خلفية هذه القضية».
وأشار ريحاوي الى أن «من المنتظر أن يشمل القرار 15 تلميذاً من المرحلة الابتدائية الذين اعتقلوا سابقاً على خلفية كتابة شعارات مناهضة للحكومة على الجدران» قبل الأحداث.
وطالبت منظمات حقوقية سورية السلطات، في بيان مشترك، بفتح «تحقيق فوري وشفاف» بشأن الأحداث التي وقعت في درعا «وتقديم المتورطين فيها والمسؤولين عنها إلى القضاء المختص». وأشار البيان الى أن قوات الأمن استخدمت «القوة المفرطة ضدّ المحتجّين». ورأت المنظمات أن «هذا الإجراء الذي ترافق مع منع وتفريق العديد من التجمعات السلمية في مختلف المناطق السورية (في دمشق وحمص وبانياس) يعكس بوضوح السياسة المتشددة التي تتبعها السلطات السورية مع الحراك المدني السلمي». ولم تتوقف الدعوات الى التظاهر عبر موقع «فايسبوك». ودعت مجموعة «يوم الغضب السوري» الى التظاهر من جديد وحدّدت مكان التظاهر في مدينة حمص. وأصدرت هذه المجموعة «بيان الثورة السورية» أشادت فيه بأبناء الشعب السوري «الذين كسروا حاجز الخوف والرهبة وقالوا كلمة حق، مطالبين بزوال الفساد ونيل الكرامة والحرية». وقالوا إن «الشرارة قد انطلقت وستتبعها بقية المحافظات والمناطق».
في المقابل، أصدر الرئيس السوري قراراً يقضي بخفض خدمة العلم 3 أشهر لتصبح 18 شهراً، ونقلت وكالة الأنباء السورية أنه «تعدّل المادة 3 من المرسوم التشريعي رقم 30 لعام 2007 المتضمن قانون خدمة العلم وتصبح على الشكل الآتي: أ ـ مدة الخدمة الإلزامية 18شهراً تبدأ من تاريخ سوق المكلفين من المناطق التجنيدية إلى معسكرات السوق، وتنتهي في اليوم الأول من الشهر الذي يلي تاريخ انقضائها، وتعدّ الأيام الزائدة عن الثمانية عشر شهراً خدمة إلزامية». وأضافت « ب ـ أما المكلفون الذين لم ينجحوا في الصف الخامس من مرحلة التعليم الأساسي وما دون، فتعتبر مدة خدمتهم الإلزامية واحداً وعشرين شهراً».
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي)