لم يجد النظام اليمني أمامه سوى أحزاب المعارضة، ممثّلة باللقاء المشترك، لتحميلها المسؤولية الكاملة عن الاحتجاجات التي يعيشها اليمن، متهماً إياها بالتحالف مع تنظيم «القاعدة»، وذلك بعدما فقد الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الكثير من الأوراق التي اعتاد المساومة عليها في محاولة الإبقاء على حكمه.واللافت أن الاتهامات التي خرجت إلى العلن على لسان مصدر في اللجنة الأمنية تزامنت مع إعلان وزارة الدفاع ضبط سيارة تقلّ 4 أشخاص قالت إنهم من عناصر «المشترك»، «وفي حوزتهم أسلحة وقنابل كانوا في طريقهم لإدخالها إلى ساحة الاعتصام بجامعة صنعاء»، بالإضافة إلى إلقاء القبض على «ثلاثة أشخاص آخرين، عثر بحوزة أحدهم على وصية لأهله يطلب منهم أن يسامحوه ويسدّدوا عنه ديونه لأنه متوجّه للاستشهاد في ساحة الجامعة».
تسريبات تطرح علامات استفهام عديدة حول السيناريو الذي يخطط له النظام، بعدما بات العنف خياراً وحيداً له في مواجهة المحتجّين في ساحة التغيير، وعلى أثر فشل محاولاته في إخلاء الساحة. بل إن المعتصمين نجحوا في تعزيز مواقعهم بعد إعلان العديد من مشايخ القبائل، في مقدمتهم قبائل بكيل، انضمامها الى ثورة الشباب.
وفي موازاة نشر هذه الاعترافات، حذّر مصدر مسؤول في اللجنة التحضيرية للحوار الوطني من المساس بأموال الشعب وإنفاقها في تمويل أعمال القتل والعنف والبلطجة. ونبّه كافة القائمين على البنك المركزي اليمني والمؤسسات المالية من التواطؤ مع أيّ أحد في الصرف من الخزينة العامة للدولة من دون وجه حق، مؤكداً أنهم جميعاً سيكونون عرضة للمساءلة القانونية.
في هذه الأثناء، واصل المحتجّون تدفّقهم على ساحة التغيير في صنعاء، فيما أعلنت كتلة «الأحرار لإنقاذ اليمن»، التي تضمّ 12 برلمانياً كانوا قد استقالوا من الحزب الحاكم، انضمامها إلى المحتجّين المطالبين بإسقاط نظام الرئيس، في أعقاب المشادات الكلامية والاشتباكات بالأيدي التي اندلعت بين نواب من الكتلة وآخرين من كتلة الحزب الحاكم في جلسة البرلمان اليمني أمس، فيما كشفت منظمة «هود» (حقوق الإنسان) أنها حصلت على معلومات من مصادر خاصة، تفيد باستصدار وزارة الداخلية اليمنية أمر اعتقال 25 من نشطاء المجتمع المدني وإعلاميين، بينهم الناشطة توكل عبد السلام كرمان والمحامون خالد صالح الآنسي ومنير السقاف.
وفي مأرب (شرق اليمن)، استمرّ التوتر بعدما فجّر رجال قبائل يمنيون، يُعتقد أنهم من قبيلة آل شبوان، أنبوب النفط الرئيسي في المحافظة وقطعوا الطريق أمام صهاريج نقل الغاز، احتجاجاً على عدم كشف السلطات عن المتورطين في قتل نائب محافظ مأرب جابر الشبواني، بعدما استهدفته طائرة أميركية من دون طيار في أيار الماضي.
وانسحب التوتر إلى مدينة الجوف بعد مقتل الناشط ناصر مصلح نسم من التجمع الوطني للإصلاح، وهو أحد مكونات المعارضة البرلمانية، في اشتباكات قبلية بين أنصار الحزب الحاكم وأنصار المعارضة، فيما نظّمت تظاهرة حاشدة في ضحيان بالقرب من مدينة صعدة للمطالبة برحيل الرئيس اليمني.
أما في عدن، فلجأت السلطات إلى إقالة مدير أمن محافظة عدن العميد عبد الله عبده قيران، من منصبه في محاولة لاحتواء غضب السكان، بعدما أرجع تقرير أعدّته لجنة مكوّنة من برلمانيين من حزب المؤتمر الشعبي الحاكم أحداث العنف التي وقعت في المدينة إلى «عدم تصرف رجال الأمن بحكمة وتهورهم باستخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين المطالبين بإسقاط النظام»، فيما تواصلت الاعتصامات في عدّة مناطق، بينها كريتر والشيخ عثمان والمنصورة، للمطالبة بإسقاط نظام صالح والتحقيق مع
قيران.
(الأخبار)