باريس| خرج زياد تقي الدين من باكستان والسعودية، ووصل إلى ليبيا قبل أن يحطّ في مطار لوبورجيه. بالطبع، المحطّتان الأولى والثانية تتعلّقان بعقود تسليح ضخمة بين فرنسا وهاتين الدولتين، كان فيها لتقي الدين دور كبير وربح ملايين الدولارات. أما المحطّة الأخيرة، فلم تكشف بعد الأيام عن سبب وجوده في «عز الثورة الليبية» في مرابع القذافي. كل ما تسرب حتى الآن، أنّ تاجر الأسلحة اللبناني وصل يوم السبت الماضي إلى مطار لوبورجيه على متن طائرة خاصة، مستأجرة من العقيد، برفقة الصحافي من صحيفة «جورنال دو ديمانش» الفرنسية رودريغ فالديغيه ومصور المجلة. وعند تفتيش متاع المسافرين تبيّن أن إحدى حقائب تقي الدين تحوي «مليوناً ونصف مليون يورو نقداً»، ما استدعى توقيفه ومصادرة المبلغ وفتح تحقيق معه بتهمة «عدم التصريح للجمارك عن أموال منقولة وتهريب أموال لتبييضها». وتحدّث مصدر مقرّب من التحقيق عن إمكانية اتهام تقي الدين بتهريب أموال العقيد المتحفظ عليها بموجب قرار من الأمم المتحدة. إلا أن وجود صحافيين، نشرا في اليوم الثاني تحقيقاً مصوراً ومقابلة مع الديكتاتور المحاصر في باب العزيزية، فتح أبواب التكهنات حول ما إذا كان تقي الدين قد «قبض ثمن فتح قنوات فرنسية» للعقيد القذافي وتسهيل المقابلة، وهي الرواية التي تعتقد مصادر الشرطة أنها الأقرب إلى الحقيقة. لكن الصحافي فالديغيه أكد أن «جورنال دو ديمانش» لم تدفع قرشاً واحداً للحصول على المقابلة، واستطرد بالقول «هناك ٢٠٠ صحافي في فندق ريكسو في طرابلس عرضوا كلهم إجراء مقابلة مع القذافي»، وبالتالي «من الحمق أن يدفع القذافي لإجراء مقابلة». إلا أن عدداً من صحافيي المجلة قرروا طرح هذا الأمر على مجلس التحرير، الذي من المنتظر أن ينعقد يوم الاثنين لتوضيح «علاقة المجلة بتاجر السلاح»، وخصوصاً أنها أجرت معه لقاءين خلال سنة واحدة ليدافع عن نفسه في قضيتي عقد «أغوستا» لبيع غواصات إلى باكستان، و«سواري ٢» لبيع نظام أمني متكامل إلى السعودية.وتدور رواية أخرى، تبدو أقرب إلى الواقع، مبنيّة على رغبة القذافي باستغلال علاقات تقي الدين القوية بأوساط أمنية فرنسية عالية، منها «الوزيران الحالي والسابق للداخلية، كلود غيان وبريس هورتوفو» بحسب صحيفة «ليبراسيون»، لتكوين نوع من جماعات الضغط لتسهيل أموره مع الغرب، وخصوصاً أن تقي الدين أدّى دوراً كبيراً في الإفراج عن الممرضات البلغاريات عام ٢٠٠٧ بالتعاون مع غيان.
واستغلّت الصحف قضية تورّط تقي الدين في ليبيا، لتكشف المزيد عن دوره في قضيتي «أغوستا» و«سواري ٢». وذكرت مجلة «إكسبريس» الفرنسية أمس، أن تقي الدين نفّذ «مونتاجاً مالياً معقّداً» لقبض عمولات الصفقتين، وذلك عبر شركة في الجنة الضرائبية فادوز (Vaduz) سجّلها تحت اسم «Rabor Ansalt» في عام ١٩٩٣، وهي السنة التي كان فيها أصدقاء رئيس الوزراء السابق إدوار بلادور «يهتمون بهذه العقود». وقد جرى «إفلاس هذه الشركة» في ٩ تشرين الأول عام ٢٠٠٨، بالتوازي مع التحقيق في مسألة قبض عمولات لحملة بلادور الرئاسية، التي كان الرئيس الحالي نيكولا ساركوزي مديراً لها.