القدس| بدا تناول الإعلام الرسمي الفلسطيني للثورة المصرية باهتاً. واصل «تلفزيون فلسطين» بثّ برامجه اليوميّة، فيما مليونا مصري يتظاهرون في ميدان التحرير في القاهرة مطالبين بـ«إسقاط نظام مبارك». وقد اكتفى تلفزيون السلطة بخبر وحيد أسفل الشاشة يقلّص العدد إلى «مئات آلاف المتظاهرين».
وفيما خُصصت برامج لتكذيب «وثائق الجزيرة» المتعلقة بالقدس واللاجئين وتنسيق السلطة الأمني مع إسرائيل وحرب غزة، تصدّرت نشرات الأخبار تقارير عن «مسيرات ومؤتمرات المبايعة والتأييد» في مدن الضفة الغربية لرئيس السلطة محمود عباس، ضد ما سمّته «هجمة قناة الجزيرة المشبوهة»! وتراجعت التقارير عن ثورة مصر إلى نهاية النشرات الإخبارية.
الذين تابعوا برودة «تلفزيون فلسطين» في تغطيته للحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، قد لا يستغربون موقف تلفزيون «سلطة رام الله» هذا الذي لا يختلف عن تلفزيونات بعض الأنظمة العربية الأُخرى؛ ولا يعكس حماس الشارع الفلسطيني وتأييده للثورة المصرية.
من جانب آخر، واصلت «فضائية الأقصى» التابعة لحركة «حماس»، بثّ التظاهرة المليونية مباشرة من ميدان التحرير، كما فعلت في الأيام السابقة. وتخللَت بثّها فواصل لأناشيد إسلامية، واتصالات مع مراسلين وأعضاء في أحزاب المعارضة المصرية.
اللافت في تغطية «الأقصى» حرصها على مقارنة مواقف «حزب الوفد» و«حركة كفاية» إزاء «الحوار مع مبارك ونظامه» مع موقف حركة «الإخوان المسلمين». واستمعنا إلى مراسلها في القاهرة يؤكد «عدم وجود فصائل معارضة مصرية فاعلة إلا فصيلاً واحداً» في إشارة إلى «الإخوان». ويبدو أن «الأقصى» آثرت تحليل الثورة المصرية غير الإسلامية، من خلال منظور إسلاموي جهوي!
أما الصحف الفلسطينية، فقد شَغلت «حملة وثائق الجزيرة» افتتاحياتها في اليومين الأولين للثورة.
وجاءت افتتاحيات جريدة «الحياة الجديدة» الرسمية تعبيراً عن موقف «سلطة رام الله» ومماثلة لـ«تلفزيون فلسطين». أما صحيفة «القدس»، فقد بدت حريصةً في افتتاحياتها على ذكر مواقف النظام المصري، مشددةً على أنّ «مبارك يقيل الحكومة ويعد بإصلاحات شاملة». كما نقلت تصريحات الرئيس الأميركي أوباما بأن «العنف ليس حلاً». وهنا، لا ذكر لشعارات الثورة التي رفعها الشباب المصري مثل «يسقط مبارك» و«مش حنمشي هوّ يمشي»، ولا تحيّات موجهة إلى شعب مصر. كذلك الأمر بالنسبة إلى جريدة «الأيام» المقرّبة من سلطة رام الله. إذ جاءت افتتاحيتها يوم أمس بعنوان «بعد التظاهرة المليونية.. مبارك لن يترشح مجدداً»، وخصّصت مقالات في الصفحات الداخلية تتناول الثورة، حيث رأى أحدهم في الثورة المصرية «انتكاسة مصر»!
أخيراً، لا يختلف معظم الإعلام الفلسطيني عن الإعلام الرسمي العربي، في انفصاله عن وجدان الفلسطينيين. إعلام قمعي شبيه بـ«أجهزة الأمن» الفلسطينية التي قمعت تظاهرةً أمام السفارة المصرية في رام الله تضامناً مع الشعب المصري. وقد دعا إلى التظاهرة شبابٌ على موقع «فايسبوك».