نجح الشعب الأردني في التخلّص من حكومته، ولاقت الاحتجاجات التي قادتها المعارضة الإسلامية ضد غلاء المعيشة صداها. سمع الملك عبد الله الثاني صراخ شعبه، فخاف أن يلحق بالبلاد ما لحق بكل من تونس ومصر حتى الآن. وكانت النتيجة: إعلان الديوان الملكي الأردني قبول الملك استقالة حكومة رئيس الوزراء سمير الرفاعي، وتكليف رئيس الوزراء السابق وعضو مجلس الأعيان معروف البخيت، تأليف حكومة جديدة.ودعا الملك البخيت في كتاب التكليف إلى إطلاق «مسيرة إصلاح سياسي حقيقي»، لافتاً إلى ضرورة أن تكون مهمات الحكومة الرئيسية «اتخاذ خطوات عملية وسريعة وملموسة، لإطلاق مسيرة إصلاح سياسي حقيقي، تعكس رؤيتنا الإصلاحية التحديثية التطويرية الشاملة، لنمضي بها خطوات واثقة على طريق تعزيز الديموقراطية».
كذلك شدّد على ضرورة «استكمال مسيرة البناء التي تفتح آفاق الإنجاز واسعة، أمام كل أبناء شعبنا الأبي الغالي، وتوفّر لهم الحياة الآمنة الكريمة التي يستحقونها».
ووجّه عبد اللّه الثاني الحكومة الجديدة لمراجعة قانون الانتخاب قائلاً: «يأتي قانون الانتخاب، الذي يمثّل ركيزة التنمية السياسية الحقيقية، في مقدمة هذه التشريعات التي تشمل قوانين الأحزاب والاجتماعات العامة والبلديات والعقوبات والمطبوعات والنشر وحق الحصول على المعلومة وغيرها». وطلب «أن ترفع إلينا في أسرع وقت ممكن توصيتك حول آلية حوار وطني شامل ممنهج، تتمثل فيه جميع مكونات مجتمعنا وأطيافه، للتوافق على قانون انتخاب جديد، يعزز الهوية الوطنية الجامعة، ويسهم في تطوير العمل السياسي الحزبي الجماعي».
وتجدر الإشارة إلى أن حكومة الرفاعي كانت قد بدأت بامتصاص الغضب الشعبي، قبل استقالتها، من خلال اتخاذ بعض التدابير، منها تخصيص ما يقارب 500 مليون دولار، لتحسين مستوى معيشة الأردنيين وخفض الأسعار.
اختيار البخيت لرئاسة الحكومة لم يرضِ الإسلاميين المعارضين، ما يعني أن حركة الاحتجاجات لن تتوقف. وقال القيادي في حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية للإخوان المسلمين، زكي بني أرشيد، إنه «ليس من المعروف عنه أنه رجل إصلاحي. هو من قاد أسوأ انتخابات نيابية في تاريخ الأردن (عام 2007)». وأضاف إن «البخيت ليس العنوان المناسب لإدارة المرحلة الانتقالية والخروج من الأزمة التي يعانيها الأردن».
بدوره، قال الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي، حمزة منصور، «يبدو أن قطار الإصلاح لم يقلع بعد، لسنا مع هذه الحكومة، فتجربتنا السابقة معها لا تشجّع». وأشار إلى أن الاحتجاجات «ما زالت أسبابها قائمة ومستمرة».
من هو معروف البخيت؟ من مواليد عام 1947 في بلدة ماحص القريبة من عمان، وينتمي إلى عشيرة العبادي، إحدى أكبر عشائر وسط الأردن. التحق بالقوات المسلحة عام 1964، وحاصل على دكتوراه في العلوم السياسية. كان عضواً في الوفد الأردني لمفاوضات السلام مع إسرائيل، وتقاعد من القوات المسلحة برتبة لواء، كما عمل مستشاراً في دائرة الاستخبارات العامة.
وشغل بخيت منصب السفير الأردني في تركيا بين عامي 2002 و2005، ثم عين سفيراً في إسرائيل لعدة أشهر، إلى أن استُدعي ليعيَّن مديراً للأمن الوطني. استمر في هذا المنصب فترة وجيزة، عندما كُلّف تأليف الحكومة التي استقالت عام 2007 بعد انتخابات نيابية قالت هيئات حقوقية وسياسية معارضة إنها لم تكن نزيهة.
في عهده، تأزّمت العلاقة بين الحكومة والحركة الإسلامية بطريقة غير مسبوقة، حيث وضعت الحكومة يدها على جمعية المركز الإسلامي التي تعدّ الذراع المالية للحركة الإسلامية. ومنع في عهده العديد من خطباء الحركة الإسلامية من الخطابة في المساجد.
ويذكّر مشهد خروج الرفاعي من رئاسة الحكومة في ظل ضغط شعبي عارم، بمشهد خروج والده طالب من الحكومة التي كان يرأسها في ربيع عام 1989، حين هوى سعر صرف الدينار الأردني على وقع سياسة مالية وُسمت بأنها غير راشدة، فتحركت حينها مدن في الجنوب الأردني مطالبةً بإسقاط الرفاعي الأب.
(يو بي آي، أ ف ب، الأخبار)