تبدو مساعي التوافق في بلدة جب جنين البقاعية في الطريق إلى الحائط المسدود، على الرغم من الطابع التوافقي العام في البقاعين الغربي والأوسط، الذي أرساه الاتفاق بين الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب الاتحاد الوزير السابق عبد الرحيم مراد.
وزاد على التأثيرات السياسية والعائلية في «اللعبة» البلدية في جب جنين، التي ينقسم مجلسها البلدي المؤلف من 15 عضواً بين 10 أعضاء مسلمين و5 مسيحيين بحسب العرف، تراجع تيار المستقبل بشكل عام في البقاع الغربي، وتفاقم أزمته التنظيمية، ما يسمح لأكثر من طرف مستقبلي بالتدخل والتأثير، ولا سيّما الوزير السابق محمد رحال ومستشار وزير الداخلية خليل جبارة والمدير السابق لوزارة السياحة محمد الخطيب، والمنسقان السابقان لتيار المستقبل في البقاع الغربي العميد المتقاعد محمد قدورة وجهاد الدسوقي، بالإضافة إلى المنسّق الحالي للتيار حمادي جانم والنائب جمال الجراح.
وفي مقابل الأطراف المستقبلية، يلعب نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي، دوره كطرف مؤثّر، خصوصاً في أصوات المسيحيين، فضلاً عن تأثير مراد.
وظهرت أولى بوادر التوافق بعد إعلان ترشّح مروان شرانق، ابن رئيس البلدية السابق خالد شرانق، وإعلان تحالفه مع رئيس البلدية الحالي خالد الحاج أحمد، الذي كان قد تولى منصب رئيس البلدية بعد وفاة رئيسها خالد شرانق قبل سنتين. وجرى الاتفاق بين شرانق والحاج أحمد، على أن يتولى الأخير رئاسة البلدية ثلاث سنوات، ثم يتولى شرانق النصف الثاني من الولاية. إلّا أن الاتفاق وإعلان ترشيح شرانق من منزل الفرزلي، «استفزّ» جزءاً من عائلة شرانق، ما فتح الباب أمام رحال للتحرك. وبحسب المصادر، فإن وجهاء من العائلة عبّروا للفرزلي عن اعتراضهم على الصيغة ورفضهم مبدأ مناصفة البلدية، على اعتبار أن شرانق هي أكبر عائلات البلدة. ولما لمسوا من الفرزلي إصراره على ترشيح مروان شرانق، أُعلن ترشيح محمد شرانق كخيار لائحة جديدة.
ويبرز اسم المحامي عيسى الدسوقي لتشكيل لائحة ثالثة مطعّمة بأفراد من آل شرانق، وبحسب أكثر من مصدر، فإن الدسوقي مدعوم من الخطيب وجهات أخرى في تيار المستقبل، وفي الوقت نفسه، ليس منقطعاً عن مراد، فضلاً عن إمكانية تشكيل قدورة لائحة رابعة، تحظى أيضاً ببركة من مستقلبيين.
أربع لوائح محتملة حتى الآن تضمّ جميعها مستقبليين ومقربين من مراد

ويردّ أكثر من مصدر محاولات عرقلة التسوية وتحريض أكثر من طرف على الترشح بغية تفريق أصوات العائلات الكبيرة، إلى الجراح، الذي يعتبر التوافق العريض بين الحريري ومراد تهديداً لنفوذه، بعد ما راكمه عبر السنوات الماضية على الخصومة مع قوى 8 آذار ومراد تحديداً، بمعزلٍ عن تيار المستقبل.
وينقل مقرّبون عن رحال أنه يسعى بكلّ ثقله إلى التوافق، إلّا أنه سيحاول «رد اعتباره عن خسارته انتخابات البلدية السابقة، التي اتخذت يومها طابعاً سياسياً واضحاً». وتؤكّد مصادر مستقبلية لـ«الأخبار» أن الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري، اتصل برحال و«تمنى عليه عدم تخريب التوافق، لأن التيار لن يتبنى أي معركة خارج ما تم إعلانه، أي بيروت وطرابلس وصيدا». وأشارت المصادر إلى أن الوزير السابق يراهن على الخصومة التاريخية بين عائلتي شرانق والدسوقي، المتنافستين على رئاسة البلدية، ما يمنع تحالف مرشح العائلة محمد شرانق، مع المرشح المحامي عيسى الدسوقي المنفتح على تيار المستقبل والمقرب من مراد.
من جهته، يعوّل الفرزلي على أصوات غالبية المسيحيين الذين دأبوا على إعطاء مرشحه أصواتهم. إلا أن البعض بدأ بتحريض المسيحيين على قاعدة أن اللائحة التي يدعمها الفرزلي لم تضمّ نائب رئيس مسيحياً. ويقول الفرزلي لـ«الأخبار» إن «ترشيح شرانق هو وفاء لهذا البيت الذي ضحى من أجل إنماء البلدة»، وإن المناصفة بين شرانق والحاج أحمد هي «إرادة مروان شرانق كي يكتسب الخبرة أوّلاً». ولفت الفرزلي إلى أنه هو من رفض إعطاء منصب نائب الرئيس لمسيحي، فـ«ليس هناك من داعٍ، ولا أحد من المسيحيين طلب ذلك، وإن وجدنا ذلك ضرورياً ومطلباً ملحاً فسننظر في الأمر».
بدورها، تقول مصادر مراد إن «المساعي ما زالت مستمرة للوصول إلى لائحة توافقية»، لافتةً إلى أنها «تصطدم بتعنت عائلات وجدت فرصة من تعدد مرشحي آل شرانق وتبدد الأصوات، بغية الوصول إلى البلدية»، مؤكدةً أن «حزب الاتحاد عمّم على جميع مناصريه عدم الترشح والانتخاب باسم الحزب، إذا ذهبت البلدة إلى معركة». وتقول المصادر إن «معركة جب جنين عائلية بامتياز وفي جميع اللوائح يوجد مناصرون لنا وللمستقبل». كذلك قالت مصادر «رسمية» في «المستقبل» لـ«الأخبار» إن «التيار على مسافة واحدة من جميع المرشحين، لن نزكي مرشحاً على مرشح آخر».