للعام الثاني على التوالي، انطلق أوّل من أمس مهرجان «أسبوع عالمي لسوريا» في 35 مدينة في 13 دولة من بينها لبنان. المهرجان الموسيقي العالمي من تنظيم مؤسسة «ميوزك آند بيوند» ومستمر حول العالم حتى الأوّل من أيّار (مايو) المقبل، علماً بأنّه يُختتم في بيروت في 24 نيسان (أبريل) الحالي.
جولة سريعة على برنامج الحدث، تثبت أنّه اكتسب هذا العام أهمية أكبر لجهة المشاركة والانتشار والتنوّع. إلى جانب العروض الفنية المباشرة، يضم المهرجان مروحة واسعة من ورشات العمل التدريبية والمؤتمرات، فضلاً عن أكثر من 100 عرض ومبادرة موسيقية افتراضية مسجّلة عبر الإنترنت من خلال هاشتاغ #4syria.
هذه السنة، يقدّم «أسبوع عالمي لسوريا» مئات الموسيقيين والباحثين والفاعلين الثقافيين من هولندا، وألمانيا، والنرويج، وفرنسا، وسويسرا، وإيطاليا، وكندا، ولبنان وسوريا، وغيرها يوحّدون جهودهم ومهاراتهم لدعم الأمل بمستقبل مضيء لسوريا التي تلتهمها نيران الحرب من أكثر من خمس سنوات. وعلى جدول المهرجان أيضاً حفلات موسيقية حيّة، وأخرى خاصة بجمع تبرّعات للاجئين السوريين، ومؤتمرات في هولندا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، وفرنسا، والنمسا، وإسبانيا، ألمانيا، والدنمارك، وكندا، ودول أخرى عدّة. وهناك أيضاً مشروع كبير تشارك فيه «أوركسترا الجاز السورية» مع «جامعة كودارتس» في روتردام، ولاهاي، وأمستردام ضمن احتفالية اليونيسكو بـ «يوم الجاز العالمي» الذي يُصادف في 30 نيسان.
هنيبعل سعد: لسنا مجرّد لاجئين، ونريد مشاركة العالم بأشياء جميلة عن بلدنا

كما في السنة الماضية، يكتسب الجزء اللبناني من المهرجان أهمية كبرى، وتجري الفعاليات في سبعة فضاءات لبنانية مختلفة هي: «قصر الأونيسكو»، و«مترو المدينة»، و«المعهد الفرنسي»، و«راديو بيروت»، و«ة»، و«مزيان»، و«أونوماتوبيا - الملتقى الموسيقي».
انطلاقة الحدث كانت في 17 نيسان عبر ثلاث حفلات متوازية في نيويورك (ناشيونال سوداست) وبرلين (نادي الحمراء) وبيروت، حيث أطلت فرقة «طنجرة ضغط» السورية على الجمهور في «مترو المدينة» (الحمرا ــ بيروت)، إضافة إلى الفنانَيْن السوري هاني السواح الملقب بـ "السيّد درويش" في الراب، واللبناني «الراس» (مازن السيّد).
أما الافتتاح الرسمي للحدث ككلّ، فاستضافه «قصر الأونيسكو» البيروتي أمس. هناك، كان الحاضرون على موعد مع «استمعوا لهم»، الأمسية الغنائية التي أحياها كورال «بسمة وزيتونة» في «قصر الأونيسكو» مع كورال «الفيحاء» بقيادة المايسترو باركيف تسلاكيان، فيما حلّ الفنان اللبناني أحمد قعبور ضيف شرف.
اليوم، ينتقل الحدث إلى مقهى «ة» (الحمرا) الذي يحتضن حفلة بعنوان Electro-Meeting للسوريين ناريغ أباجيان وخالد عمران (21:00)، قبل أن تبدأ أوّل أنشطة مبادرة «مِعْزَفْ» في 22 نيسان، وهي ورشة عمل باللغة الإنكليزية لمدّة يومين في مكتبة «ة» مع البروفسور ريتشارد دامبريل المختص في علم الآثار والموسيقى (Archaeomusicology).
Flux Fusion Night هو عنوان سهرة «راديو بيروت» (مار مخايل) الأولى (20/4) التي تجمع الألماني فلوريان زنكر والنرويجية غيرترود لوندي والسوري داني شكري (21:00). المسألة لن تتوقف هنا، لأنّ الموعد سيتجدد في المكان والتوقيت نفسه في 23 نيسان، غير أنّ السهرة ستحمل اسم Flux Electronic Night وستضم بريندان يان فالش (هولندا)، وعايشة ديفي (سويسرية ــ تيبيتية) والمنتج الموسيقي والدي جاي اللبناني Tadafok (ريبال الريّس).
من جهته، يفتح «المعهد الفرنسي في لبنان» (صالة Montaigne ــ طريق الشام) أبوابه أمام حفلة تجري في 21 نيسان (20:30) تحييها فالنتين كلاسييه، وستيفين كامبرمان (هولندا)، وفلوريان زنكر (ألمانيا) وغيرترود لوندي (النرويج)، وخالد عمران (سوريا)، وداني شكري (سوريا)، وناريغ أباجيان (سوريا). «صالون جسور» (21:00) هي المحطة الثانية في المكان نفسه عند الساعة التاسعة من مساء اليوم التالي. سيحيي الحفلة طوني أوفرواتر (هولندا)، وفلوريان زنكر (ألمانيا)، وستيفين كامبرمان (هولندا)، فضلاً عن مجموعة من الموسيقيين اللبنانيين والسوريين. يختتم «المعهد الفرنسي» الفعاليات التي يستضيفها مع حفلة (20:30) لـ Orontes Guitar Quartet (سوريا)، وأوركسترا الحجرة التابعة لـ American Arts Festival Baroque Ensemble.
في «مزيان» (الحمرا) موعدان: الأوّل في 22 نيسان عبارة عن ورشة عمل ومحاضرة (18:00) مع طوني أوفرواتر من «صالون جسور». أما الثانية، فسهرة ارتجالية (20:00) لعدد من الموسيقيين المحليين والأجانب مع صوفي لوريتان ويسمون جاكار (سويسرا).
ورشات عمل أخرى سيحتضنها «أونوماتوبيا - الملتقى الموسيقي» (الأشرفية ــ 19 و20 و21 نيسان ــ 14:00) للفنان الهولندي الذي يعمل على الصوت والصورة مارسيل وايركس.
المركز الثقافي الخاص بجمعية «بسمة وزيتونة» يشهد منذ العاشر من الشهر الحالي ورشات عمل مع الهولندي لوكاس دولس، وهي مستمرة حتى 27 نيسان.
سنوات مرّت والجرح السوري لا يزال مفتوحاً. ولأنّه من الصعب على الأفراد حلّ الأزمة الكبرى، «فكّرت بما يمكنني كفرد تقديمه لسوريا»، يقول مدير المهرجان هنيبعل سعد. ويوضح الفنان السوري لـ «الأخبار» إنّه «تواصلت مع أشخاص يشاركونني الخوف على سوريا، وسنحاول أن نفعل شيئاً لسوريا المستقبل. الهدف هو التضامن مع الشعب السوري في محنته، ونأمل أن يسهم المهرجان في إعادة الأمل له ويبعث رسالة واضحة للمجتمع الدولي كي يساهم بوقف الحرب». ويضيف سعد: «بالنسبة إليّ، إنّه أسبوع لمشاركة الموسيقى والإبداع مع العالم. أسبوع من الاحتفال بفكرة السلام عبر الموسيقى، وبما أنّ الحرب في سوريا فرّقتنا وقسّمتنا، قرّرت العمل بشكل إيجابي وفعّال لخدمة بلدي. نريد مشاركة العالم بأشياء جميلة عن سوريا، وإظهار فكرة أنّهم ليسوا مجرّد لاجئين». يؤمن هنيبعل سعد بأنّ «الفن قادر على تحقيق نتائج. يمكننا تقديم صورة حلوة عن بلدنا ومنح الناس فرصة الحديث عن الهوية المشتركة، والذاكرة، والتنوّع، والفكر، وغيرها من العناصر الجامعة».
من ناحيتها، تؤكد ممثلة جمعية «مدني» و«تحالف منظمات المجتمع المدني» في سوريا (تماس)، ملاك سويد، أنّ دعم «أسبوع عالمي لسوريا» هو نتيجة التقاء «رؤيتنا وأهدافنا مع أهداف القائمين على المهرجان الداعمة للسلام في سوريا»، مشددةً على أنّ «عمل منظمات المجتمع المدني لا يقتصر على الإغاثة والتنمية، لأنّها أيضاً تدعم الفن والموسيقى كأدوات لتعزيز السلم والأمن والتعايش المشترك. يهمنا أنّ نؤكد أنّه رغم كل ما تعيشه سوريا من بشاعة، لا يزال هذا البلد قادراً على إنتاج الفن والثقافة والإبداع، وعلى العطاء. لا حلّ إلا إذا علت أصواتنا جميعاً للقول إنّنا معاً نحو السلام».

«أسبوع عالمي لسوريا»: حتى 24 نيسان (أبريل) الحالي ــ في فضاءات بيروتية مختلفة.