استغلت إسرائيل الهجمات الإرهابية الأخيرة في باريس كي تدفع اليهود الفرنسيين إلى الانتقال إليها. وعمدت تل أبيب بعد ساعات معدودة على الهجمات، إلى أن تشيع جواً إضافياً من الرعب تُجاه أكثر من نصف مليون يهودي فرنسي، معظمهم يسكن في مدينة باريس. فقد وجه رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى وزارة الخارجية في تل أبيب كي تطلب من السلطات الفرنسية تعزيز الإجراءات الأمنية حول المصالح والمنشآت اليهودية في فرنسا، خشية تعرضها لاعتداءات جديدة، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع منسوب الخشية لدى اليهود الفرنسيين.
وعمدت إسرائيل أيضاً، بمساعدة من «الوكالة اليهودية»، إلى الاتصال باليهود ودفعهم إلى «الهجرة» إلى إسرائيل، على خلفية الوضع الأمني المرشح وفق تعبير «الاستخبارات العسكرية» إلى مزيد من الهجمات التي قد لا تطاول فرنسا فحسب، بل عواصم غربية على امتداد القارة الأوروبية، فيما تؤكد إسرائيل، على لسان وزير الأمن، موشيه يعلون، أنه لا قلق من داعش ضد إسرائيل، لأن هذا التنظيم «غير معني إطلاقاً بالمواجهة مع الدولة اليهودية رغم وجوده القوي في سوريا وفي سيناء».
في هذا الاتجاه، أكد نتنياهو أن إسرائيل هي المكان الآمن دائماً لليهود في العالم، في رسالة مباشرة إلى اليهود الفرنسيين، أما الإعلام العبري، فتماشى مع التوجه الرسمي، ووجه تقاريره لتسليط الضوء على «مهاجرين» من اليهود الفرنسيين إلى إسرائيل، وربطهم بالهجمات الأخيرة في باريس، مع العلم أن إجراءات «الهجرة» نفسها، تتطلب مدة تزيد جداً على الأيام المعدودة الفاصلة عن الهجمات الباريسية.
وفي عينة مختارة من الإعلام العبري، أشار موقع «واللا» الواسع الانتشار بين اليهود في إسرائيل وفي الخارج، إلى أن «الجالية اليهودية» في فرنسا تخشى البقاء في «عاصمة النور»، في أعقاب العمليات التي شهدتها شوارعها في نهاية الأسبوع الماضي، مشيراً إلى أن اليهود يعانون كثيراً وهم يشاهدون أماكن توجههم ومعيشتهم مليئة برجال الأمن، مثل مداخل الكنس والمؤسسات اليهودية، الأمر الذي يضعهم في دائرة من الخوف والخشية الدائمين.

الإعلام العبري تماشى بالحديث عن «المهاجرين» مع التوجه الرسمي

ونتيجة لحالة الرعب، وفق توصيف الموقع، هناك عدد كبير جداً من الأسر اليهودية تؤكد أنها لا تتردد في الرحيل والتوجه إلى إسرائيل، بل بادرت فعلاً إلى ذلك. ويشير الموقع إلى أن «قصص الاستفزاز والمضايقة» بحق اليهود الفرنسيين باتت لا تطاق في الأشهر الأخيرة، الأمر الذي يعرقل أسلوب وطريقة عيشهم في فرنسا، وهو أيضاً دافع لهم لـ«الهجرة» إلى إسرائيل، مع أو من دون الهجمات الأخيرة في باريس.
وتحدث «واللا» مع عدد من اليهود الفرنسيين، الذين أكدوا أنهم قرروا المجيء إلى إسرائيل، ومعظمهم قالوا إن تذكرة الطائرة جرى شراؤها بالفعل قبل العمليات الأخيرة بناءً على «كوارث سابقة» في فرنسا، لكنهم يؤكدون في المقابل أن عدداً كبيراً من العائلات الصديقة قررت الرحيل والتوجه إلى إسرائيل، في أقرب وقت ممكن.
كذلك أجرى الموقع مقابلة مع فرنسي يهودي (دانيال) وصل إلى إسرائيل مع طفليه، أكد فيها أن «الوضع في فرنسا غير طبيعي» وأضاف: «لم أشاهد منذ وقت طويل أمراً كهذا. الوضع خطير جداً بالنسبة إلى اليهود. كل شيء مغلق، الناس لا يتجولون، وهذا صعب جداً وتحديداً للأطفال. الوضع الآن بات أكثر خطورة».
ويشير الموقع إلى أن العمليات الأخيرة في باريس لم تكن موجهة ضدّ «الجالية اليهودية» في فرنسا، مقارنة بالعمليات السابقة التي طاولت مصالح ومؤسسات يهودية في كانون الثاني الماضي، مضيفاً أنه رغم ذلك، قررت عائلات بأعداد كثيرة، المغادرة إلى إسرائيل.