مرة جديدة، تعود إلى الأضواء قضية الشاطئ الرملي الوحيد في مدينة بيروت، الرملة البيضاء. فبعدما اكتشف سكان بيروت والضواحي أن الجزء الأكبر من مسبحهم الشعبي هو ملك خاص، لا ملك عام، بدأت بلدية بيروت إجراءاتها لترتيب صفقة مالية ضخمة، تفوق قيمتها مئة وعشرين مليون دولار، لشراء العقارات الثلاثة التي يتألف منها الشاطئ الرملي. الأرض التي ينبغي أن تكون ملكاً عاماً، كانت جزءاً من ثروة رفيق الحريري. وبعدما باعها ورثته لرجل الأعمال وسام عاشور، واستفادوا من ثمنها، ها هم اليوم يريدون من البلدية أن تشتريها، بأموال سكان بيروت، ليقولوا لـ"البيارتة": ها قد استعدنا لكم الشاطئ العام!المستفيد مما يجري هم آل الحريري، وعاشور الذي يملك العقارات الثلاثة، والذي أراد عام 2014 تسييجها. في القانون، هو ممنوع من إقامة أي منشآت سكنية أو سياحية فوق الأرض التي يملكها. لكنه أراد تسييجها، والاستفادة ربما من رسم دخولها، أو الضغط على المجلس البلدي لاستملاكها. نامت القصة حينذاك بضغط شعبي، ووعود بـ"استملاك" العقارات من قبل البلدية. ثم عاد الملف إلى التداول الأسبوع الماضي، عندما طلب رئيس بلدية بيروت بلال حمد من إحدى لجان المجلس البلدي بدء الإجراءات الأولية لشراء العقارات الثلاثة. وبدأ الحديث عن مبلغ خيالي، لقيمة الصفقة، يفوق 120 مليون دولار.
وصلت أصداء هذه المعلومات إلى الرئيس نبيه بري، علماً بأن عاشور هو صهره السابق. وبحسب زوار رئيس المجلس، فإنه احتج لدى حمد على إدراج بند شراء عقارات المسبح الشعبي على جدول أعمال المجلس البلدي، وما رافقه من حديث عن سعر مرتفع جداً. فبري "سمع شخصياً من الرئيس الراحل رفيق الحريري أنه اشترى هذه العقارات لتكون في خدمة أبناء بيروت وتابعة للشاطئ العام". لذلك، تضيف مصادر قريبة من رئيس المجلس أنه "سيخوض معركة لمنع تحويل الاستملاك الى عملية تجارية" باهظة الثمن.
وقالت مصادر متابعة إن الجهات التي تسوّق لعملية الشراء تتحدّث عن سعر للمتر الواحد في العقارات الثلاثة يصل الى ستة آلاف دولار أميركي، وهو رقم خيالي، بما أن عقارات المسبح الشعبي يُمنع استثمارها في بناء أي منشآت فوقها، لا بهدف السكن، ولا بهدف إقامة مشاريع سياحية. كذلك، فإن سعر المتر في عقارات مجاورة صالحة للاستثمار، لم يتجاوز في صفقة أخيرة مع فهد رفيق الحريري، مبلغ 4500 دولار للمتر (العقار المقابل للسفارة الإماراتية لجهة البحر). كما تتحدّث مصادر أخرى عن سعر أقل في تلك الصفقة بين فهد الحريري ورجل الأعمال محمد سميح غدار، هو 2500 دولار للمتر الواحد.
في المقابل، نفي رئيس بلدية بيروت، لبري، قرار الشراء، لافتاً إلى أنه طلب من لجنة في المجلس البلدي دراسة المشروع. وتشير مصادر "بلدية" الى أن حمد "يسعى إلى إمرار بعض القرارات "الدسمة" قبيل رحيله عن البلدية واستملاك عقارات المسبح الشعبي واحد منها". وكانت جهات عدة قد تحدثت عن حصة لرئيس الحكومة السابق سعد الحريري في العقارات الثلاثة، إلا أن مصادر قريبة منه نفت ذلك. كذلك أكّد عاشور أنه المالك الوحيد، جازماً بأنه لا يعلم شيئاً عن إجراءات في البلدية لشراء العقارات.
وقد حاولت "الأخبار" الاتصال برئيس بلدية بيروت بلال حمد مرات عدة، إلا أنه لم يجب.
(الأخبار)