قبل مباراة الكأس السوبر بين الرياضي بطل لبنان وبيبلوس بطل الكأس، لم يترك جمهور فريق المنارة الذي احتشد في مدرجات ملعب نهاد نوفل في الزوق، اي صافرة استهجان او اي موشحات الا اطلقها بحق رئيس الاتحاد وليد نصار. يومذاك، اضطر رئيس النادي الرياضي هشام جارودي الى التدخل طالباً من مشجعي فريقه التوقف. وبعد تلك المباراة خرج نصار من الملعب وهو يحبس غضبه، لكنه لم يفوّت اي لحظة امام ميكروفونات التلفزيونات الا اكد خلالها أن الاتحاد سيعاقب اي جمهور يطلق الشتائم او يعيث الشغب في الملاعب.
خطوة ممتازة لم يهضمها الكثير من رؤساء الاندية في المرحلة التي تلت معاقبة جماهيرهم، فكان اولهم الشانفيل الممثل في الاتحاد برئيسه ايلي فرحات، الذي عارض ايقاف اعضاء في رابطته عقب معاقبة جمهوره في بيانٍ علني، لكن هؤلاء الرؤساء لم يتصوّروا اصلاً ان يكونوا في خضم المعمعة اللاخلاقية التي تحصل اسبوعياً في المدرجات وسط تجاهلٍ كبير لناحية الاضاءة عليها، حيث الهمّ الاول لدى البعض من عرّابي اللعبة عدم تشويه صورتها لأهدافٍ لا تمتّ الى الرياضة بصلّة.
الإتحاد يعاقب الجمهور ويكرّّّّّّمه في نفس الوقت!

المهم ان الدور جاء فعلاً على الرؤساء بعدما كان الجمهور يشتم بعضه بعضاً حتى لو غاب الخصم عن المدرجات المقابلة، فتسمع جمهور الرياضي يتعرّض للحكمة في غيابه، والاخير لا يوفّر مناسبة اذا سنحت له الفرصة للردّ. ردٌّ كان رئاسياً في المرة الاخيرة، اذ لم تكد تمضي ساعات على انتخابه على رأس اللجنة الادارية حتى اطل مارون غالب متوعّداً الرياضي بسلاح الجمهور الاخضر في ليلة حضوره الى غزير. ورغم ان غالب لم يقم سوى بردّ فعل عفوي على حادثةٍ حصلت في قاعة صائب سلام خلال مباراة الرياضي والتضامن الزوق، وكان مساء الاحد يعمل على تبريد الاجواء في مدرجات ملعب غزير، فان قسماً لا يستهان به من الجمهور الحكموي الذي وصفه النادي امس بالمدسوس، اخذ الامور على عاتقه، فأنزل رئيساً آخر هو جارودي في المستنقع البشع واصفاً اياه بأبشع الاوصاف.
نائب رئيس رابطة جمهور الحكمة ايلي ماتوسيان قال لـ "الأخبار": "ما ورد عن الادارة من كلامٍ عن مدسوسين لا يسعى الى تهريب جمهور الحكمة من المسؤولية، فالحقيقة هناك اشخاص لا يحضرون الى المباريات سوى عند المواجهات مع الرياضي، وبالتالي فان ما حصل لا يمكن وضعه في اطار فعلٍ ارتكبه جمهور الحكمة برمّته".
لكن التناقل السريع لفيديوهات ما حصل في غزير، وانتقال تلك الهتافات الى مسامع الآلاف الذين تابعوا المباراة عبر شاشة التلفزة، كان لا بدّ ان يستدعيا ردّ فعل، فكان احتفال مجموعة من الشبان بفوز الرياضي على غريمه التقليدي، بالتجوّل على دراجاتهم النارية حيث كان المشهد المؤسف في نفق سان جورج حيث مارسوا دور قاطعي الطرق مطلقين ابشع الهتافات الطائفية، التي سرعان ما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مطلقة "حرباً اهلية" افتراضية، قد تسقط عنها هذه الكلمة قريباً اذا استمرت الامور على حالها.
رئيس الرابطة المركزية للرياضي وسام الصانع صرّح لـ "الأخبار": "لقد اصدرنا بطاقات خاصة لمشجعي الرياضي، حيث لا يمكن لأي احد من المشجعين الدخول الى الملعب من دونها، وذلك لضبط الجمهور، ما خلق طابوراً خامساً مؤلفا من عددٍ من الاشخاص الذين لم يحصلوا على بطاقاتٍ لاسبابٍ ترتبط بانضباطيتهم، فذهبوا الى فشّ خلقهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي او على الطرقات، وما ورد من هتافات طائفية لا يمت الى الرياضي بصلة لان فريقنا وجمهورنا عابران للطوائف".
طبعاً، ما نسرده ليس بالامر الجديد لانه لطالما كانت هذه الامور موجودة في الملاعب المختلفة طوال المواسم القريبة الماضية، لكن الاتحادات المتعاقبة لم تكن مستعدة للتحرّك حتى وصلت الموسى الى رقبة رأس الادارة الحالية.
وفي وقتٍ كانت فيه هذه الاتحادات تفكر بضرورة احتواء اي مشكلة بسبب عدم وجود اي مصلحة لها في ابعاد الجمهور عن ملاعب الباسكت، وبالتالي القضاء عليها تماماً كما حصل في كرة القدم التي كانت الضحية الدائمة للقرارات الامنية - الرياضية، بتنا نقف اليوم امام مشهدٍ متضاربٍ في كرة السلة اللبنانية قد يعجز ابرز المحللين عن شرحه: الاتحاد يذهب الى انزال العقوبات بالجماهير، وفي نفس الوقت يكرّم الجمهور بتقديم دروعٍ له!
وهنا قد يكون مقبولاً ان تكون هذه الخطوة جزءاً من "البروباغندا" الكوميدية وغير المجدية الا بالنسبة الى اصحاب الفكرة او محبي الظهور الاعلامي، لكن ما ليس منطقياً هو القيام بها في ظل الاجواء البشعة السائدة، التي تطرح سؤالاً جوهرياً عن ماهية تكريم من هذا القبيل.




توقيف جمهور الحكمة وتنبيه إسماعيل أحمد
تحرّك الاتحاد اللبناني لكرة السلة عبر لجنة الأمور المستعجلة على خلفية ما رافق المباراة التي جمعت الحكمة والرياضي الاحد الماضي، فاطلع على تقرير مراقب المباراة، وقرر الطلب الى إدارة نادي الحكمة تزويد الاتحاد خلال 48 ساعة بأسماء أفراد الجمهور الذين ارتكبوا هذه الأخطاء ليتمكن الاتحاد من اصدار القرار المناسب بمنعهم من دخول الملاعب، كما اوقف جمهور الحكمة لمباراة واحدة على ارضه، وغرّمه 250 وحدة سنداً لأحكام المادة 149 من النظام العام، التي ترتبط بالتفوّه بكلمات نابية بحق اداريي الفريق المنافس والحكام وإطلاق الشعارات غير الرياضية.
كما وجّه الاتحاد تنبيهاً أخيراً الى لاعب الرياضي إسماعيل احمد (الصورة) طالباً منه التزام الضوابط الرياضية وعدم الانجرار الى ردود فعل استفزازية.