توافق ريما بحوص، الأستاذة في كلية التربية في الجامعة اللبنانية الأميركية، على أهمية أن يستند القرار إلى دراسة ومعلومات دقيقة، لكنها تتحمس لفكرة إلغاء البريفيه التي باتت تفعل فعلها بتلامذتنا وتضعهم في جو نفسي خانق بلا مبرر، فكل ما يفعلونه في هذا الصف هو التركيز على الجوانب التي تطرح منها أسئلة الامتحانات الرسمية ويهملون الجوانب المتعلقة بالتحليل والثقافة العامة «ما بشوف الطلاب إلاّ بيدرسوا تاريخ وجغرافيا وتربية بصم لينجحوا بالامتحان، بدنا ولادنا يكونوا مبسوطين ومش مضغوطين، والأهم إنو يوصلوا لعندنا على الجامعات وعندن شوية ثقافة».
الاقتراح يجب أن ينبع من أصحاب الاختصاص
الإلغاء الذي لا يترافق مع الرقابة هو نوع من تضييع الشنكاش، يقول الباحث التربوي عدنان الأمين. بالنسبة إليه، الظروف الحالية غير مناسبة للتفكير في القضية من وجهة نظر شاملة للإصلاح التعليمي. قيمة هذه الشهادة، كما يقول، أنها الدليل الوحيد على أن أولادنا بعمرالـ15 أنهوا التعليم الأساسي بشهادة من سلطة موثوقة هي الدولة، وهذا مطلب وطني. يتحدث الأمين عن جانب خبيث في الطرح يتعلق باستفادة مدارس خاصة تجارية وأخرى مرتبطة بامتحانات دولية مثل البكالوريا الفرنسية وغيرها. يستغرب الأمين ما جاء في الأسباب الموجبة لاقتراح القانون، وهو إلغاء الفساد، وكأن الفساد غير موجود في الشهادة الثانوية والتفتيش المركزي ووزارات الدولة. هل نصفّي هذه المؤسسات أم نعالج الفساد؟
تغيير النظام التقليدي للامتحانات وليس إلغاء الشهادة، هو ما يجب أن يحصل، بحسب الأستاذة في كلية التربية في الجامعة اللبنانية الهام بدران. تشرح أن الطلاب قد يجرون امتحاناتهم في مدارسهم لإزالة عامل الخوف وبطرق تقنية حديثة، لكن يجب أن يجري ذلك وفق نظام تقويم جدي رسمي يقيس معلومات التلميذ ومواقفه واتجاهاته، تحقيقاً للعدالة بين المدارس؛ فبغياب هذا النظام ينجح الجميع، وخصوصاً في المدارس الدكاكين وهي كثيرة. تحذر من أن يكون الهدف من الإلغاء هو عدم تعليم بعض المواد التي تنمّي الانتماء الوطني مثل الجغرافيا والتربية المدنية والتاريخ، بدليل أن هناك مدارس كثيرة لا تعلّم الجغرافيا مثلاً إلاّ في صفوف الشهادات، لكون طلابها مجبرين على الخضوع للامتحانات الرسمية.
أما مديرة مكتب البحوث والتقويم في الجامعة الأميركية في بيروت كرمى الحسن فتعارض فكرة الإلغاء بالمطلق، باعتبار أن كل الأوراق البحثية والمحاضرات في دول العالم ومنظمة الأونيسكو تؤكد على أهمية التقويم الرسمي في نهاية المرحلة الأساسية، لافتة إلى أن التعديل يجب أن يحدث في فلسفة الامتحانات وآلية تنظيمها، وليس في وجودها أو عدمه.
من جهته، يعجب أمين عام اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة الأب بطرس عازار من رمي مثل هذا الاقتراح من دون استشارة أحد من المعنيين، «بعد بكير على التدبير الذي يجب أن يمهَّد له بمجموعة من التعديلات القانونية، منها عدم اشتراط الشهادة للحصول على وظيفة، ومرسوم لتعديل المناهج الحالية».
غداة تقديم اقتراح القانون خرجت أصوات نقابية تنتقده، فطالبت رابطة معلمي التعليم الأساسي الرسمي في لبنان المجلس النيابي بإهماله إهمالاً كلياً، محذرة من أن المس بشهادة البريفية يصيب التعليم الرسمي الأساسي بمقتل لا شفاء منه، تماماً كما أدى التعديل الأخير للمناهج إلى انهيار المستوى التعليمي في جميع المواد، وخصوصاً اللغة العربية. واستهجن نقيب المعلمين نعمة محفوض القرار الذي يأتي على أبواب الامتحانات، ما قد يخلق بلبلة بين أوساط الطلاب ويهدّ من عزيمتهم على الدرس، ويؤثر في أدائهم التربوي، مع العلم بأننا في المبدأ لسنا ضد البحث بالموضوع، لكن بالشكل العلمي والتربوي وبالمكان والزمان المناسبين.
من أوحى بالاقتراح؟
يبرر النائب سيرج طورسركيسيان بأن المشروع لا يستند إلى خلفية شخصية أو سياسية، «فأولادي لا يزالون صغاراً، والانتخابات النيابية مؤجلة»، موضحاً أننا «لم نحدد مهلة زمنية للتنفيذ بهدف جعل القضية تتفاعل، وننتظر أن تجتمع لجنة التربية النيابية في أقرب وقت لمناقشة الاقتراح». من هي المراجع في الوزارة التي تحدثتم عنها؟ يجيب: «الوزير الياس بو صعب». هل بنيتم اقتراحكم على دراسات دقيقة أو آراء تربويين؟ يردّ أن الاقتراح جاء نتيجة عصف فكري مع معلمين في مدارس خاصة. وزير التربية ينفي أن يكون أحد طرح عليه المسألة، وهو قرأها مثل غيره في وسائل الإعلام. ويؤكد أنّه لم يثر مثل هذا الموضوع في لقاء أو تصريح، وهو غير ملحوظ في ورشة تطوير الامتحانات الرسمية.