رست اللجنة الوزارية المكلّفة معالجة أزمة النفايات أمس، على اعتماد خيار المطامر كحلّ وحيد للأزمة المستفحلة في البلاد منذ تمّوز الماضي. ومن المتوقّع اليوم أن تطرح اللجنة خياراتها أمام مجلس الوزراء، بعد الاتفاق الأولي، على اعتماد مطمرين في برج حمود والكوستابرافا، وإعادة فتح مطمر الناعمة "مؤقتاً" لاستيعاب النفايات المكدّسة في بيروت وجبل لبنان.
هي إذا عودة إلى النقطة الصفر، أي إلى ما قبل نصف عامٍ أو أكثر، حين طرحت اللجنة الوزارية خيار المطامر، وعجزت عن التوصّل إلى اتفاق بشأنها، بعد الصعوبات في تأمين «مطمر لكل طائفة»، وفي إقناع المواطنين في مناطق المطامر بقبولها، وانطلاق تظاهرات وتحرّكات رافضة للخطّة، لجأت اللجنة إلى خيار الترحيل. وبذريعة الاستعجال لرفع النفايات من الشوارع، أهدرت السلطة خمسة أشهر من الوقت، بعدما «لَزَّمت» الحكومة بتوصية من الوزير أكرم شهيّب ودعم من رئيس الحكومة تمام سلام و«بركة» مجلس الإنماء والإعمار، عقود الترحيل إلى شركة تدور في فلك «الطقم» السياسي ــ النفعي «ما غيره». وجرى تقاسم الحصص على كلّ طنّ من النفايات قبل رفعه وتحميله إلى السفن «الوهمية» المنتظرة في البحر، وحتى قبل معرفة وجهة الترحيل. ولأن العالم ليس سائباً مثل بلاد الأرز، عجزت الشركة عن الحصول على الأوراق القانونية اللازمة لترحيل نفايات من قارة إلى قارة، فطارت صفقة ترحيل النفايات، وطارت العمولات، وبقيت النفايات في الشوارع.
التفاؤل أمس كان سيّد الموقف بعد اجتماع اللجنة.، حتى إن الأمر وصل بوزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق للقول إن 99% من الأزمة عولج.
ويمكن تلخيص نتائج اجتماعات اللجنة في الأيام الماضية بما يلي:
ــ الاتفاق على نقل قسم من نفايات بيروت إلى معمل الفرز في صيدا.
أرسلان سيدعو إلى اجتماع في الشويفات بحضور جنبلاط

ــ اعتماد مطمر في برج حمود، لاستيعاب نفايات المتن الشمالي وساحله، ومناطق أخرى في جبل لبنان، مع وضع «القوى المسيحية» وحزب الطاشناق شروطاً قبل الموافقة على إقامة المطمر، وهي التأكيد على إقامة معمل للفرز وحل أزمة جبل النفايات على غرار ما حصل في صيدا، وتقديم "حوافز" للمنطقة، وصلت بحسب مصادر وزارية إلى نحو 100 مليون دولار. والشرط الأخير أن يجري تثبيت مطمر للعاصمة في منطقة أخرى. بـ«العربي الفصيح»، مطمر لنفايات المسلمين مقابل مطمر نفايات المسيحيين.
ــ اعتماد مطمر في منطقة الكوستابرافا، والبدء ببناء سنسول بحري لإقامة حوض يسمح بطمر النفايات فيه بعد تجفيف المياه.
ــ فتح مطمر الناعمة لأيام، كان شهيّب قد حصرها سابقاً بأسبوع لنقل النفايات من مواقع التجميع في بيروت، مع تأكيد أكثر من مصدر وزاري أن مهلة الأسبوع لن تكفي الآن في ظلّ الكميات الكبيرة المكدّسة، وأن الاولوية لن تكون للنفايات المرمية في المكبات العشوائية وفي الأحراج.
ــ وجرى الحديث عن إقامة مطمر في منطقة الجيّة لاستيعاب نفايات إقليم الخروب والشوف.
وتبرز عدّة عقبات أمام الحلول التي اتفقت عليها اللجنة الوزارية، أولاها إقناع أهالي منطقة الشويفات والنائب طلال أرسلان بمكبّ الكوستابرافا، وتأمين المستلزمات المالية لإقامة المطامر ومعامل الفرز. وكان أرسلان قد عبّر أمس عن أسفه بعدما «بات مصير الحكومة معلّقاً بتبليط البحر». وقال رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني لـ«الأخبار» إنه «للأسف، السلطة تريد فرض مطمر في منطقة الكوستابرافا، ووضع الناس أمام خيارات ضيقة، إمّا ترك النفايات في شوارع الشويفات والضاحية، وإما قبول مطمر في الكوستابرافا. نحن نقول حاميها حراميها». وأكّد أرسلان أنه سيدعو اليوم أو غداً لاجتماع عام في منطقة الشويفات، يدعو إليه الفعاليات والنائب وليد جنبلاط والوزيرين شهيّب ووائل أبو فاعور، بعد أن يعقد أرسلان أوّلاً اجتماعاً مع أهالي الشويفات، «فليأتوا ويقنعوا الناس هم بالمطمر بعدما اتفقوا على الكوستابرافا».
وتحدّثت مصادر وزارية عن وجود أزمة في تأمين المستلزمات المالية لهذه المشاريع، فيما تقول مصادر وزارية في التيار الوطني الحرّ إنه «من غير المنطقي أن تكون الدولة عاجزة عن تأمين 200 مليون دولار للحالات الطارئة، وليس هناك من حالة طارئة أكثر من أزمة النفايات».
وأكّد أكثر من وزير أن الباب مفتوحاً أمام اتحادات البلديات في حال إيجاد حلول خاصّة بها للانسحاب من الخطّة الشاملة، مع تشديد مصادر التيار الوطني الحر على ضرورة التزام هذا البند، وتأكيد مصادر وزارية أخرى أن «هذا الأمر يساعد على توفير المال على خزينة الدولة».
وليس واضحاً بعد، ما هو السياق العملي للبدء بتنفيذ ما اتفق عليه في الجلسات، سوى البدء بنقل النفايات إلى مطمر الناعمة في الأيام القليلة المقبلة، إذا جرى الاتفاق في جلسة مجلس الوزراء اليوم على ما قررته اللجنة أمس. وفي ظلّ استمرار أزمة الثقة بين السلطة والمواطنين، ليس مستبعداً أن تعود التحركّات بقوّة إلى الشارع اعتراضاً على حلّ المطامر، وخصوصاً مع دعوات «المجتمع المدني» إلى تظاهرات اليوم، انطلاقاً من ساحة ساسين وصولاً إلى ساحة رياض الصلح في وسط بيروت.
ومع أن آلية العمل ستستلزم إجراء مناقصات جديدة للشركات المعنية بالتجميع والفرز وطمر النفايات، إلّا أنه باعتماد المطامر مجدداً، تعود شركة سوكلين بصورة «شرعية» إلى الواجهة هذه المرّة، بعد تعثّر الحلول السابقة، بوصفها «أفضل الموجود والممكن». وعلى ما تقول مصادر وزارية مشاركة في أعمال اللجنة، فإن «سوكلين ستستمر في عملها الآن لأنها الشركة الوحيدة التي تملك القدرة على جمع النفايات وفرزها وطمرها، إلى أن تُجرى مناقصات جديدة، وتُعتمَد شركات أخرى».