في تشرين الثاني الماضي أُعلنت ولادةُ «جيش سوريا الجديد». المقاطعُ المصوّرة التي روّجت للتّشكيل الجديد حينَها لفتت الأنظار بـ«الصبغةِ الأميركيّة» الطاغية، تجهيزاً وتسليحاً. بعدَها، اختفى اسم التشكيل من التداول، قبلَ أن يعودَ أخيراً بـ«قوّة» مع أنباء انتزاعه السيطرة على معبر التّنف الحدودي (بين سوريا والعراق) من يد تنظيم «داعش».
الحمّاد: التنف بيد «الجيش الجديد» و«القادم هو البوكمال»
ومع مسارعة الأخير إلى بث أنباء عن استعادته المعبر، سارع «الأمين العام لجبهة الأصالة والتنمية» خالد الحمّاد ليؤكّد أنّ المعبر ما زال بيد «جيش سوريا الجديد» وأنّ «القادم هو البوكمال». تحوّلت معركة التّنف إلى مناسبة جديدة لموجة من اللغط والأخذ والرّد حول «سوريا الجديد»، وأهدافه وتحالفاته. تُعَدّ «جبهة الأصالة والتّنمية» بمثابة العباءة التي خرجَ منها التّشكيل العتيد، وأشبَه بمرجعيّة «إداريّة» له، وهو أمرٌ يؤكّده خالد الحمّاد، الذي لم يُنكر الدور الأساسيّ لـ«قوّات التحالف الدولي» في الدعم والتشكيل والتدريب («الأخبار»، العدد 2835). وفي تصريحاتٍ لـ«الأخبار» يُرجعُ الحمّاد تأخّر الانخراط في الميدان (فصلت أربعة أشهر بين إعلان التشكيل ومعركة التّنف) إلى «استكمال التّدريبات، أمّا الآنَ فقد نزلنا إلى الأرض». الحمّاد نفى صحّة الحديث عن تبعيّة «الجبهة» لجماعة «الإخوان»، وقال: «تصنيف البعض لنا بأنّنا إخوان شيءٌ ساذجٌ ومضحك. نحن على خلافٍ مع الإخوان، ولا نرتضي طريقتهم ولا منهجهم. هناك خلافٌ فكريّ قديم». وأضاف: «لو كنّا من الإخوان لدعمَتنا بعض الدول التي لا توجّه دعمها إلا باتجاه الإخوان» (في ما يبدو أنّه إشارةٌ إلى تركيا وقطر). اللّافت أنّ الحمّاد كشفَ بوضوح عن انتماء «الجبهة» السلفيّ، وأرجعَ الخلاف مع الإخوان إلى «الخلاف الفكريّ القديم الجديد بين الإخوان والسّلف. نحنُ فِكرُنا سلفيٌّ دعويّ علميّ»، قبلَ أن يُضيف مُستدركاً: «لكنّ هذا الخلاف لا يمنع أن نتعاون ضمن بناء وطن واحد». لا معلومات واضحة عن عديد المسلّحين المنضوين تحت راية «سوريا الجديد»، لكنّ المؤكّد أنّ التدريبات التي تلقوها مختلفةٌ عن معظم «الفصائل» الأخرى، حتّى أنّها تضمّنت تدريبات على عمليات الإنزال الجوي وتنفيذ «المهمات الخاصّة». وخلال اليومين الماضيين تداولت مصادر «جهاديّة» ما قالت إنّها «تسريبات عن خطّة لإنزال صحوات جيش سوريا الجديد في منطقة جبل الصالحية (البوكمال، ريف دير الزور الجنوبي الشّرقي) وهي منطقة استراتيجيّة مرتفعة». تذهب بعض التقديرات إلى أنّ قوام التّشكيل «أربعون ألف مقاتل»، يتحفّظ الحمّاد عن الخوض في مسألة الأعداد أو خُطط العمليّات القادمة، ويؤكّد في الوقت نفسه أنّ «مكوّنات التشكيل تحافظُ على وجودها في كلٍّ من حلب وحمص وريف دمشق ودرعا والقلمون الشرقي، ولنا ترتيبات عسكرية سنعلنها لاحقاً بمشيئة الله». يُجدّد الحمّاد انتقاد «قوّات سوريا الديمقراطيّة» ويصفها بـ«ميليشيا لا تسير في طريقٍ صحيح، وهي متحالفةٌ مع النظام وتحملُ مشروعاً انفصاليّاً. نتمنى أن تتغيّر». في الوقت نفسه، ينفي وجود أي نيات مبيّتة لاستهداف «قسد»، ويؤكّد أنّ التوجّه الأساسي هو قتال «داعش» والجيش السوري (وحلفائه بطبيعة الحال). «النظام وداعش واحد، كلاهما عدو للشعب السوري وقتالهما واجب» يقول، قبلَ أن يؤكّد «التزام سوريا الجديد لهدنة مع النظام (اتفاق وقف الأعمال القتاليّة) ما دام النظام ملتزماً لها». يضطلعُ مهنّد الطلّاع بقيادة «جيش سوريا الجديد»، كان الطلّاع يشغل سابقاً منصب «قائد المجلس العسكري في دير الزور». وقد أكّد قبل أيّام أنّ «عناصر جيش سوريا الجديد جرى تجميعهم وتدريبهم من قبل قوات التحالف، وإمدادهم بالذخيرة والأسلحة والرواتب». شكّلت الأراضي الأردنيّة مسرحاً للتدريبات الأولى، قبل الانتقال إلى «معسكرٍ في بلدة المحروسة السورية على الحدود الأردنية»، وفقاً لطلّاع الذي أكّد أيضاً أنّ «كل العمليات تجري بالتنسيق مع غرفة عمليات التّحالف». خلال اليومين الأخيرين كان طلّاع مادّة دسمةً للانتقادات، وسارع كثيرٌ من المصادر المُعارضة إلى «كشف المستور» والتذكير بـ«تاريخه الحافل»، وخاصّة «تبرّؤ المجلس العسكري في دير الزور منه بسبب تآمره ومتاجرته بدماء الشّهداء». ويضعُ مصدرٌ من داخل «سوريا الجديد» هذه الاتهامات في سياق «الافتراءات التي اعتدناها من بعض ضعاف النّفوس». المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه قال لـ«الأخبار» إنّ «العجلة دارت، والمرحلة القادمة ستكون مرحلة فتح أبواب الجحيم على الدّواعش ومن يواليهم». المصدر أكّد أنّ «الخطط الموضوعة للمعارك القادمة خططٌ دقيقةٌ وعالية المستوى، وقد تولّى وضعها خبراء مرموقون في مجال محاربة التنظيمات المتطرّفة. البداية ستكونُ عبر تقطيع أوصال مناطق نفوذ الدواعش، والبقيّة تأتي لاحقاً».