بات واضحاً أن مشروع القرار الفرنسي إلى مجلس الأمن الذي يرمي إلى تحويل العرض الروسي بشأن الأسلحة الكيميائية السورية سيفاً مصلتاً على دمشق، لا يحظى بفرصة العبور بفعل الفيتو الروسي. وهو ما يُرجح أن يكون قد انعكس بوضوح في خلال اجتماع الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس فجر اليوم لمناقشة هذه القضية، قبل ساعات فقط من اللقاء الأميركي الروسي المرتقب في فيينا اليوم.
وتطالب مسوَّدة القرار الفرنسي سوريا بإعلان كامل بشأن برنامجها للاسلحة الكيميائية في غضون 15 يوماً وأن تفتح على الفور جميع المواقع المرتبطة به أمام مفتشي المنظمة الدولية وإتلافها بإشراف دولي، وإلا واجهت اجراءات عقابية محتملة. وتقول مسودة القرار، التي اطلعت عليها «الأخبار»، في المادة السابعة منه إن على السلطات السورية «تقديم جردة متكاملة شاملة للأمين العام للأمم المتحدة ضمن مهلة ١٥ يوماً من تبني هذا القرار عن كافة أنواع الأسلحة المحظورة التي في حوزتها وأماكن توزيعها وأحجامها للتخلص منها حسب الفقرة السادسة»، لافتة إلى أن مجلس الامن يعتزم «في حالة عدم تقيد السلطات السورية ببنود هذا القرار ... تبني مزيد من الاجراءات الضرورية بموجب الفصل السابع» من ميثاق الامم المتحدة.
كذلك تطالب المسودة سوريا بتقديم جردة بمخزونها من الأسلحة الكيميائية والتصديق على معاهدة حظر التصنيع والإنتاج والتخزين وإتلافها.
مشروع القرار الذي وزع في وقت متأخر من ليل الأربعاء طالب بإدانة الحكم السوري لاستخدام الأسلحة الكيميائية في ريف دمشق في ٢١ آب الماضي، وطلب إحالة المسؤول عنه على المحكمة الجنائية الدولية.
وتضمن مشروع القرار الذي لم يوضع كما درجت العادة بتنسيق مع بريطانيا، بالوقف الفوري لاستخدام السلاح الكيميائي من قبل السلطات السورية. وتضمنت الفقرة الرابعة منه مطالبة السلطات السورية بالالتزام التام للمهمة التي تتولاها بعثة الأمين العام للأمم المتحدة للتحقيق في عدد من المزاعم عن استخدام السلاح الكيميائي في سوريا وتأمين سلامة البعثة.
كذلك طالب القرار من الدول تفتيش السفن والطرق البرية ووسائل النقل كافة عند الاشتباه بنقل أي نوع من الأسلحة المحظورة من سوريا وتقديم تقارير دورية عنها. وطالب بفرض حظر سفر وتجميد ودائع مالية ضد الأفراد المسؤولين عن أي انتهاك لهذا القرار كما حددته لجنة مجلس الأمن الدولي.
وجاء في الفقرة الخامسة عشر من القرار إحالة الوضع في سوريا منذ آذار ٢٠١١ على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.
وأكد دبلوماسيون مطلعون في الأمم المتحدة أن حظ مشروع القرار الفرنسي بحق سوريا في أن يتحقق معدوم. وقال دبلوماسي في حديث لـ«الأخبار» إن فرنسا حاولت احتلال موقع لها في الحوار المتعلق بشأن الحل في سوريا، لكن روسيا قطعت الطريق عليها عندما ألغت اجتماعاً تشاورياً لأعضاء مجلس الأمن الدولي كانت دعت إليه أول من أمس لبحث إصدار بيان يرحب بالخطة الروسية كخريطة للحل وفق آلية جنيف والتفاهم الروسي ـ الأميركي.
وكشف الدبلوماسي أنه عندما علمت روسيا بأن فرنسا كانت تنوي طرح مشروع قرارها، في الاجتماع، عطلته بعد التفاهم مع الأميركيين. فيما نأت بريطانيا بنفسها عن التحرك الفرنسي.
وكان وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس ينوي القدوم إلى نيويورك من أجل تقديم مشروع القرار هذا، لكن بعد التطورات التي حصلت بين موسكو وواشنطن، سرّعت البعثة الفرنسية في نيويورك عملية إعداد مسودة القرار وطرحته بالإيميل قبيل منتصف ليل الأربعاء. لكن أعضاء المجلس لم يأخذوا به وآثروا انتظار نتائج اللقاء بين وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الاميركي جون كيري اليوم. من جهتها، لم تبد الصين حماسة لمسودة القرار الفرنسي، وشدد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية هونغ لي على أن أي قرار يجب أن يقوم على توافق في الآراء ويشجع على الحل السلمي.
وفيما لم يذكر هونغ لي بوضوح ما إذا كانت بكين ستؤيد الاقتراح الفرنسي أو ستعارضه، أبدى بعض التحفظات، وقال: «نحن نعتقد كذلك ان أي إجراء سيتخذه مجلس الأمن يجب أن يقوم على التوافق الذي يجري التوصل إليه بعد مناقشات مع جميع الأطراف ويساعد على تهدئة التوترات الراهنة في سوريا وأن يكون مفيداً لتحقيق السلام والاستقرار في سوريا والمنطقة ويدعم التوصل إلى حل سياسي». في اطار آخر (أ ف ب)، ذكرت لجنة التحقيق الأممية الخاصة بسوريا أن جرائم الحرب التي ارتكبتها القوات الحكومية السورية ومقاتلو المعارضة على حد سواء ازدادت في الفترة بين 15 أيار و15تموز. ورأت أن الوضع وصل إلى طريق مسدود، مؤكدة في الوقت نفسه استحالة الحسم العسكري.
إلى ذلك، رأى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ان «الفظائع» المرتكبة في سوريا تشكل «فشلاً جماعياً» للمجتمع الدولي، داعياً مجلس الامن الدولي مرة اخرى الى التحرك.