اسرائيل قلقة من تراجع الاندفاعة العسكرية الاميركية، وقبول واشنطن بالحلول السلمية في مواجهة النظام السوري. صورة اميركا المترددة التي تبتعد عن الحلول العسكرية، تقلق تل ابيب، ومن شأنها ان تشجع اعداءها على استهدافها، وستعزز مكانتهم، وتحديداً ايران، التي تراقب عن كثب ما يجري، وكيف يتعامل الغرب مع سوريا.
والتعبير عن القلق، ترجمته تل ابيب امس على لسان كبار مسؤوليها، من خلال تأكيد ضرورة الاعتماد على النفس، من دون الاتكال على الآخرين، في اشارة الى الخيبة من الموقف الاميركي. ومن ميناء حيفا العسكري، وبالقرب من القطع البحرية التابعة للجيش، اطلق رئيس الحكومة الاسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير حربه، موشيه يعلون، مواقف «خيبة الأمل» من الاميركيين، التي وصفها الاعلام العبري امس، في افتتاح النشرات الاخبارية المتلفزة، بأنها «انتقاد صريح للحل الدبلوماسي الذي يتبناه الرئيس (الاميركي باراك) اوباما، لحل الازمة السورية».
وقال نتنياهو بعبارات توراتية، تعليقاً على القبول الاميركي بالحلول الروسية للازمة مع سوريا: «إن لم اكن لنفسي، فمن لي؟ وإن لم نكن لانفسنا، فمن يكون لنا؟»، محذراً من أن «إسرائيل ستضرب عمق العدو اذا ما اقدم على الاعتداء عليها»، وشدد على أن «إسرائيل قادرة على الدفاع عن نفسها بالاعتماد على اسطولها البحري وسلاح جوها وجيشها المتميز». وقال نتنياهو انه حان الوقت لنزع اسلحة الدمار الشامل والكيميائي في سوريا، بل وتطبيق ذلك على ايران ايضاً. وأضاف: «يجب على العالم ان يضمن بأن يدفع من يستخدم سلاحاً كيميائياً ثمن ذلك، والرسالة التي ستصل الى سوريا، ستسمع بقوة في ايران، فهم (في طهران) يراقبون الوضع كي يروا كيف سيتصرف الغرب تجاه سوريا».
من جهته، اكد وزير الدفاع الاسرائيلي، موشيه يعلون، الذي اصطف الى جانب نتنياهو في ميناء حيفا العسكري، أنّ اسرائيل قادرة على الدفاع عن نفسها، انطلاقاً من قوتها وردعها وحسب، وذلك بغض النظر عما يجري حولها. وقال: «لا نعرف كيف ستنتهي الثورة القائمة حالياً في مصر، كما لا نعرف كيف يمكن وقف سباق التسلح الايراني، وايضاً لا نعرف كيف سيتصرف الشعب الحر في ظل استمرار المذابح في سوريا، الا اننا نتابع كل هذه الاحداث عن كثب، وبمسؤولية وبحكمة، منطلقين من القاعدة التي تقول انه في نهاية المطاف، علينا ان نعتمد على انفسنا فقط، وعلى قوتنا وعلى قدرة ردعنا».
وفي تناغم مع تهديدات نتنياهو، اكد الرئيس الاسرائيلي، شمعون بيريز، ان الرئيس السوري، بشار «الاسد يعلم جيداً انه سيرتكب خطأً فادحاً، اذا اقدم على مهاجمة اسرائيل»، مشيراً الى ان «كل من سيحاول الاعتداء على اسرائيل، سيدفع ثمناً باهظاً لا يمكن تحمله». وعن المبادرة الروسية، قال بيريز انه «لا يمكن الاعتماد على امانة الاسد في ما يخص الاتفاق الآخذ بالتبلور حول الاسلحة الكيميائية الموجودة في حوزته»، لكنه اكد في المقابل ان «الرئيسين، الاميركي والروسي، باراك اوباما وفلاديمير بوتين، قادران على التوصل الى تسوية ذات صدقية بشأن هذه الاسلحة، وهذه التسوية يجب ان تمنع بشكل كامل، وجود سلاح كيميائي في ايدي الاسد».
ونقلت القناة الثانية في نشرتها الرئيسية امس، تحذيراً لمسؤول اسرائيلي رفيع المستوى، بضرورة العمل بقوة تجاه الملف السوري، لانعكاساته الأكيدة على الملف الايراني، وبحسب المسؤول الاسرائيلي، فإن «فشل الحل الدبلوماسي للأزمة السورية، يجب أن يؤدي الى عملية عسكرية اميركية، وذلك للحؤول دون تشجيع الايرانيين للسباق الى السلاح النووي»، واطلق صرخة تحذير تجاه الغرب والاميركيين، بأن «حالة كهذه، ستؤدي الى جر اسرائيل الى عملية عسكرية بشكل مستقل، الامر الذي من شأنه ان يجر الولايات المتحدة ايضاً، الى عملية عسكرية واسعة في الشرق الاوسط».
تغيير النبرة الاسرائيلية انسحب ايضاً على الاعلام العبري، واشارت القناة الاولى في نشرتها الرئيسية امس، الى ان «هناك رابحين كثراً، من الذين لا يريدون شن عملية عسكرية في سوريا، لكن مقابل هؤلاء، يوجد في هذه المرحلة منتصر واحد، اسمه بشار الاسد، الذي يأمل ان ينتهي المراقبون الدوليون من سلاحه الكيميائي، للانقضاض على معارضيه في الداخل، بواسطة السلاح التقليدي».