باشرت ألمانيا استقبال اللاجئين السوريين على أراضيها، فأشرفت، أمس، على سفر 107 لاجئين سوريين من لبنان، في إطار برنامج يهدف إلى استقبال خمسة آلاف لاجئ سوري.
«أقول لأهلي في سوريا، توحّدوا. كونوا واعين. كلّ العالم اشتغلت فينا».
هذه الرسالة هي من شاب سوري، قالها قبل دقائق من صعوده إلى الطائرة التي ستقلّه إلى ألمانيا بصفة لاجئ. تنطبق عليه بنسبة مائة في المائة عبارة «أقول كلمتي وأمشي»، فهو لم يعد يخشى من خسارة أي شيء. بالعكس، يقول إنه يربح نفسه وصحته بما أن هناك من سيعالجه من إصابات تعرّض لها خلال الحرب الدائرة في بلده.
لا يخفي الشاب الثلاثيني سعادته بموافقة ألمانيا على استقباله على أراضيها، ومثله فعل 107 لاجئين سوريين كانوا ينتظرون، أمس، عند البوابة رقم 6 وصول طائرتهم ليستقلوها ويغادروا إلى بلاد لا حرب فيها. هذه السعادة تمناها الخمسيني، ربّ عائلة من ستة أفراد، لمواطنيه السوريين «الذين أتمنى لهم من كلّ قلبي أن يجدوا فرصاً في دول محترمة لتستقبلهم». واحدة من بناته راحت تردّد «قلبنا عندهم». فيما قالت ابنة السابعة عشرة، وكأنها تعتذر عن ذنب ترتكبه بمغادرتها: «الله بيعلم، ما طالع بإيدنا شي».
أمضت هذه العائلة عاماً كاملاً في لبنان، لم ينتسب أيّ من أفرادها إلى المدرسة. فتأخرت آية عن شهادة «البريفيه» وشقيقتها عن الثانوية العامة، وهما اللتان غادرتا الشام قبل انتهاء العام الدراسي لتخسرا بذلك عامين دراسيين.
محمد وأحمد لم ينتسبا أيضاً إلى المدرسة خلال الأشهر التسعة التي أمضياها في لبنان. كان عليهما أن يعملا ليساعدا والدهما في المصاريف. «فرحانة» تقول الوالدة وهي تتنهّد. «لقد تعب ولداي كثيراً هذا العام، وخسرا مدرستهما. أشعر بأننا سنرتاح في ألمانيا».
كلّ ما عرفوه عن رحلتهم مريح حتى الآن. سوف يتعلمون اللغة الألمانية لمدة ستة أشهر، وستخصص لهم بيوت للإقامة فيها. وسوف تقدّم لهم رعاية صحية وتربوية. هذا ما قيل لهم، وما كرّره أمس السفير الألماني في لبنان كريستيان كلاجس في دردشة مع الصحافيين الذين دعوا إلى تغطية خبر سفر اللاجئين إلى المانيا.
يوضح كلاجس أن هذا العدد يندرج في إطار مشروع أعدّته الحكومة الألمانية لاستقبال خمسة آلاف لاجئ سوري على أراضيها. وسيتمّ ترحيل السوريين تباعاً، بمعدّل طائرتين إلى ثلاث شهرياً، بالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة للاجئين والحكومة اللبنانية.
وعن المعايير التي جرى على أساسها اختيار اللاجئين، قال كلاجس إنّ الحكومة الألمانية وضعت ثلاثة معايير هي: الحالات الإنسانية الحرجة، يتحدّثون الألمانية أو لديهم أقارب في ألمانيا، وأصحاب الكفاءات والمهارات ممن يمكنهم المساعدة في إعادة إعمار سوريا بعد انتهاء الصراع الدائر فيها.
ولم يتحدّث كلاجس عن إعادة توطين في المانيا، «فهذا لم تدرسه الحكومة الألمانية بعد، هم الآن يحظون بصفة لاجئين لمدة عامين، ومع تطوّر الأمور في سوريا يمكننا أن نبحث التطورات».
وعن الانتماء الديني للاجئين الذين جرى اختيارهم، أشار كلاجس إلى أنّه لا يعرف لأن هذا ليس معياراً، لكنه جزم بأن «نسبة غير المسلمين من الذين سافروا أمس لا تتجاوز الـ10%، ونحن حريصون على أن لا يجري نزع مجموعة دينية معينة من مكانها الطبيعي».
من جهتها، أوضحت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، في بيان وزعته أمس، أن اختيار اللاجئين جرى من ضمن الأسماء المسجّلة لديها. ورأت في هذه الخطوة «مساعدة كبيرة للبنان، البلد الصغير الذي يستقبل وحده أكثر من 730 ألف لاجئ » مسجل لديها.