اسطنبول - على الرغم من الحشد الإعلامي الكبير جداً والمؤيد لكل ما يقوله رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان عن سوريا، فقد اثبت استطلاع للرأي أنّ ٧٢٪ من الشعب التركي ضد سياسات الحكومة للمشاركة في الحرب على سوريا. وجاء هذا الرفض بعدما أعلنت جميع الأحزاب السياسة المعارضة، الممثلة في البرلمان أو خارجه، رفضها للعدوان على سوريا. وهو ما فعلته، أيضاً، معظم منظمات المجتمع المدني من الاتحادات والروابط والنقابات وغيره.
ومن دون أن يبالي أردوغان بردود الفعل هذه، بدا أكثر حماسةً وتورطاً في الموضوع السوري.
وقالت مصادر دبلوماسية إنّ رئيس الوزراء خلال لقائه القصير، أول من أمس، مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، أصر عليه أن يلتقي معه مطولاً ليقدّم له ملفاً كاملاً عن استخدام الجيش السوري للأسلحة الكيميائية في غوطة دمشق يوم 21 آب الماضي، مما اضطر أوباما للموافقة على مثل هذا اللقاء، الذي تمّ
أمس.
وقالت مصادر دبلوماسية إنّ أردوغان قد «توسل» الرئيس الأميركي كي يضرب سوريا، معبّراً له عن استعداد تركيا بكل إمكاناتها للمشاركة في هذه الضربة، ليس فقط لتدمير سوريا بل التخلص من الرئيس بشار الأسد، باعتبار أنّ هذه الضربة هي الفرصة الأخيرة لذلك.
ولم يكتفِ أردوغان بلقائه مع أوباما، حيث سعى أيضاً لإقناع كلّ من التقى بهم على هامش قمة العشرين بضرورة ضرب سوريا، قائلاً لهم إنّ لديه أدلة قاطعة على استخدام النظام للأسلحة الكيميائية، وباعتبار أنّ عدداً كبيراً من الضباط السوريين قد هربوا إلى تركيا، وهم الذين جاؤوا له بهذه المعلومات.
ولم يهمل، خلال حملته الدبلوماسية، الجانب النفسي للموقف التركي حيث أصدر التعليمات للجيش التركي ليعزّز مواقعه قرب الحدود مع سوريا، وسط المعلومات التي بدأت تتحدث عن سيناريوات تركية مختلفة لاحتلال حلب والمناطق القريبة منها، وجعلها بنغازي ثانية من أجل الضغط على النظام في حال فشل قوات المعارضة في السيطرة على دمشق خلال الضربات الأميركية. تلك الضربات ستكون ذريعة الإدارة التركية لتحقيق هدفها في حلب، والتي تسعى من أجله منذ بداية الأزمة، حيث تحدث أردوغان أكثر من مرة عن حزام أمني وحظر جوي في الشمال السوري، وذلك لحماية الجماعات المسلحة وضمان حقوق التركمان، ومنع الأكراد من السيطرة على مناطقهم في شمال وشمال شرق سوريا.
وتتحدث المعلومات، خلال هذه الفترة، عن استنفار تام للرادارات الأميركية والأطلسية، التي نصبت في الأراضي التركية خلال الأشهر الماضية.
وقالت المعلومات إنّ هناك تنسيقاً مباشراً وشاملاً بين هذه الرادارات ورادارات القبة الفولاذية في إسرائيل ومنصات الباتريوت الأميركية والأطلسية الموجودة قرب الحدود التركية مع سوريا، حيث سبق لرئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية، تامير باردو، أن زار أنقرة سراً في حزيران الماضي، وبحث مجمل هذه التفاصيل مع المسؤولين
الأتراك.
كذلك زار رئيس المخابرات السعودية بندر بن سلطان أنقرة بهدف التنسيق والتعاون المشترك في الحرب على سوريا، والتقى مع قيادات جميع الجماعات المسلحة التي تقاتل في سوريا، ودعاها إلى توحيد قواها استعداداً لساعة الحسم مع العمليات العسكرية الأميركية التي وعد بها بندر المقاتلين.
كما قدّم لهم خلال الشهر الماضي كميات كبيرة جداً من الأسلحة الثقيلة عبر تركيا مع مبالغ مالية ضخمة لرفع معنوياتهم.