انقسام المشهد الأوروبي بلاغ واضح وضوح الشمس. روسيا على لسان فلاديمير بوتين أكدت اصطفافها إلى جانب سوريا، وبريطانيا حسمت خيارها بعدم الذهاب إلى الحرب، فيما لا تزال فرنسا بانتظار قرار البرلمان الأميركي.
ورأى بوتين أن الاتهامات الأميركية للحكومة السورية باستخدام السلاح الكيميائي في الهجوم المزعوم هي «محض هراء»، مطالباً إدارة الرئيس باراك أوباما بالتخلي عن خطط القيام بعمل عسكري منفرد لأن ذلك سيكون أمراً «مؤسفاً للغاية».
وأكد بوتين أنه يتعين على واشنطن تقديم أدلة لمجلس الأمن الدولي حول استخدام أسلحة كيميائية في سوريا، مشيراً إلى أن «روسيا تدعو إلى التفكير برويّة قبل اتخاذ قرار لعملية في سوريا». وأضاف إن «المنطق السليم يقول إنه مع تقدم القوات الحكومية السورية... فإن إعطاء الورقة الرابحة لمن يدعو باستمرار إلى التدخل العسكري هو هراء ولا يتطابق مع أي منطق، وخاصة في يوم وصول مفتشي الأمم المتحدة». وتابع «أنا واثق من أن الهجوم كان مجرد استفزاز من قبل الساعين لجر الدول الأخرى إلى النزاع السوري ويريد التوصل إلى مساندة من قبل الأطراف الدولية، طبعاً وأولها، الولايات المتحدة».
من جهة أخرى، أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون تأييده لموقف الرئيس الأميركي باراك أوباما الرامي إلى تقديم موضوع العمل العسكري ضد سوريا للتصويت في الكونغرس. وأوضح كاميرون في تغريدة على موقع «تويتر» أنه يتفهم «موقف باراك أوباما بشأن سوريا وأؤيده».
بدوره، أكد وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ أن بلاده لن تنخرط في أي عمل عسكري ضد سوريا، مؤكداً في الوقت ذاته أنها ستستمر في دعم التحرك الدبلوماسي. وأشار هيغ في تصريح لقناة «سكاي»، إلى أن العودة لمناقشة قرار مجلس العموم البريطاني الرافض للتدخل العسكري في سوريا أمر غير واقعي.
وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة «أبنيوم» لصحيفة «أوبزيرفر»، أن «60% من البريطانيين عارضوا إشراك قوات بلادهم في أي عمل عسكري ضد سوريا، على ضوء مستوى الأدلة حول الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيميائية من قبل النظام السوري في ريف دمشق، فيما أيّد هذا التوجه 24% منهم».
في السياق، أكد وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالز أن فرنسا لن تشن هجوماً على سوريا بمفردها وستنتظر قرار الكونغرس الأميركي. وأوضح فالز، في تصريح لراديو «أوروبا 1»، أن «فرنسا لا يمكنها المضي في ذلك وحدها»، مضيفاً «نحتاج إلى ائتلاف دولي». ولفت إلى أن بلاده ستنتظر قرار الكونغرس الأميركي حيال اتخاذ قرار يتيح الضربة على سوريا من عدمها.
وفي الوقت الذي يزداد فيه الضغط في فرنسا على الرئيس فرانسوا هولاند لإجراء تصويت برلماني على مسألة التدخل في سوريا، يلتقي اليوم رئيس الوزراء الفرنسي جان مارك إيرو مع رئيسي مجلسي البرلمان وزعماء المعارضة لبحث الوضع السوري قبيل نقاش برلماني بعد غدٍ الأربعاء. الضغط البرلماني على هولاند ترافق مع ضغط شعبي رافض للحرب، إذ أظهر استطلاع نشرت نتائجه السبت أن معظم الفرنسيين لا يوافقون على القيام بعمل عسكري في سوريا وأن الأغلبية لا تثق بقيام هولاند بهذا العمل.
كذلك أثار التدخل العسكري المحتمل ضد سوريا خلافات حادة بين «حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية»، أبرز أحزاب المعارضة، و«الحزب الاشتراكي» الحاكم، اللذين تبادلا الاتهامات، عقب تصريحات المتحدث باسم الحزب الحاكم هارلم دسير، اذ شبه فيها المعارضة بالحكومة الفرنسية المتعاملة مع ألمانيا النازية، فيما أبدى الحزب المعارض ردة فعل غاضبة طالب فيها «دسير» بالاعتذار، موجهاً تحذيراً للحزب الاشتراكي.
وتصرّ المعارضة الفرنسية على ضرورة انتظار تقارير الفريق الأممي المكلف بالتحقيق باستخدام السلاح الكيماوي في سوريا، متراجعةً بذلك عن تعاطفها المبدئي مع التدخل المحتمل في سوريا.
إلى ذلك، رحب وزير الخارجية الألمان غيدو فسترفيلة بقرار الرئيس الأميركي باراك أوباما للحصول على موافقة الكونغرس، وأضاف إنه «يجب استغلال الوقت الذي كسبناه الآن للوصول الى موقف مشترك في مجلس الأمن الدولي».
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول)